كما أنَّ ذلك ثابتٌ في الداء والدواء، وقد تداوى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، وأمر بالتَّداوي (?)، وأخبر أنَّ ما أنزَل اللهُ داءً إلا أنزَل له دواءً، إلا الهَرَم (?)، فأعلمَنا أنه خالقُ أسباب الداء وأسباب الدواء المعارِضة المقاوِمة لها، وأمرَنا بدفع تلك الأسباب المكروهة بهذه الأسباب.
وعلى هذا قيامُ مصالح الدارين، بل الخلقُ والأمرُ مبنيٌّ على هذه القاعدة، فإنَّ تعطيلَ الأسباب وإخراجَها عن أن تكون أسبابًا تعطيلٌ للشرع ومصالح الدنيا، والاعتمادَ عليها والركونَ إليها واعتقادَ أنَّ المسبَّبات بها وحدها وأنها أسبابٌ تامةٌ = شركٌ بالخالق عزَّ وجلَّ وجهلٌ به وخروجٌ عن حقيقة التوحيد، وإثباتُ سببيَّتها على الوجه الذي خلقها اللهُ عليه وجعلها له إثباتٌ للخلق والأمر، للشرع والقدر، للسبب والمشيئة، للتوحيد والحكمة (?).
فالشارعُ يثبتُ هذا ولا ينفيه، وينفي ما عليه المشركون من اعتقادهم في ذلك.
وُيشْبِهُ هذا نفيُه سبحانه وتعالى الشفاعةَ في قوله: {وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ