وليس سببُ ذلك أنثى اقتضته وفعلَته.

فقد جمعتم إلى جهلكم بالطبيعة، والكذب على الخِلقة، القولَ الباطلَ على الله وعلى خلقه.

وليس العجبُ إلا ممَّن يدَّعي شيئًا من العقل والمعرفة، كيف ينقادُ له عقلُه بالإصغاءِ إلى مُحالاتكم وهذياناتكم؟ ! ولكنْ كلُّ مجهولٍ مَهِيب!

ولمَّا تكايَسَ مَن تكايسَ منكم في أمر الهَيُولى وزعَم أنها أنثى، وأنَّ الصورةَ ذكر، وأنَّ الجسمَ الواحدَ مشتملٌ على الذكر والأنثى، أضحَك عقلاءَ الفلاسفة عليه، فإنَّ زعيمَهم ومعلِّمهم الأول (?) قد نصَّ في كتاب "الحيوان" له على أنَّ الهَيُولى في الجسم (?) كالذَّكر.

وإن قلتم: فهذا يشهدُ لقولنا أيضًا؛ لأنها إن كانت عنده كالذَّكر فالصورةُ أنثى، فصار الجسمُ الواحدُ بعضُه ذكرٌ وبعضه أنثى.

قلنا: القائلون بتركُّب الأجسام (?) من الهَيُولى والصورة لم يقولوا: إنَّ أحدهما متميِّزٌ عن الآخر، كما زعمتم ذلك في أجزاء الفلك، بل عندهم الهَيُولى والصورة قد اتحدا وصارا شيئًا واحدًا، فالإشارةُ الحِسِّيةُ إلى أحدهما هي بعينها إشارةٌ إلى الآخر، وأنتم جعلتم الجزء المذكَّر من الفلك (?) مباينًا للجزء الأنثى منه بالوضع والحقيقة، والإشارةَ إلى أحدهما غيرَ الإشارة إلى الآخر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015