مُوجِبٍ لاستوائهما بعد الاستذلال، والكفرُ قائمٌ بعينه؟ ! فهل في الحكمة وقواعد الشريعة ومُوجَبات العقول أن يكون الإذلالُ والقهرُ للكافر مُوجِبًا لمساواة دمه لدم المسلم؟ ! هذا مما تأباهُ الحكمةُ والمصلحةُ والعقول.

وقد أشار - صلى الله عليه وسلم - إلى هذا المعنى، وكَشَف الغطاء، وأوضحَ المُشْكِل، بقوله: "المسلمون تتكافأُ دماؤهم" (?)، أو قال: "المؤمنون ... " (?)؛ فعلَّق المكافأة بوصفٍ لا يجوزُ إلغاؤه وإهدارُه وتعليقُها بغيره؛ إذ يكونُ إبطالًا لما اعتبره الشارعُ واعتبارًا لما أبطَله، فإذا علَّق المكافأةَ بوصف الإيمان كان كتعليقه سائرَ الأحكام بالأوصاف؛ كتعليق القَطْع بوصف السَّرقة، والرَّجم بوصف الزِّنا، والجَلْدِ بوصف القَذف والشُّرب، ولا فرقَ بينهما أصلًا.

فكلُّ من علَّق الأحكامَ بغير الأوصاف التي علَّقها به الشارعُ كان تعليقُه منقطعًا مُنْصَرِمًا، وهذا مما اتفق أئمَّةُ الفقهاء على صحَّته.

فقد أدَّى نظرُ العقل إلى أنَّ دَمَ عدوِّ الله الكافر لا يساوي دَمَ وَليِّه، ولا يكافئه أبدًا، وجاء الشرعُ بمُوجَبه، فأيُّ معارضةٍ هاهنا؟ ! وأيُّ حَيْرة؟ ! إن هو إلا بصيرةٌ على بصيرة، ونورٌ على نور.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015