والثَّاني: ما حُسْنُه معلومٌ بنظر العقل وفكره وتأمُّله، فلا يهتدي إليه إلا الخواصُّ، وهو ما اشترط اقتضاء هذا الوصف، أو جُعِل تابعًا له.
فاشترط له المكافأة في الدِّين؛ وهذا في غاية المراعاة للحكمة والمصلحة؛ فإنَّ الدِّين هو الذي فرَّق بين النَّاس في العِصمة، وليس في حكمة الله وحُسْن شرعِه أن يجعل دمَ وليِّه، وعبده، وأحبِّ خلقه إليه، وخير بريَّته، ومن خَلَقَه لنفسِه، واختصَّه بكرامته، وأهَّله لجواره في جنَّته، والنَّظر إلى وجهه، وسماع كلامه في دار كرامته = كَدَم عدوِّه، وأمقَتِ خلقِه إليه، وشرِّ بريَّته، والعادِل به (?)، العادِل (?) عن عبادته إلى عبادة الشيطان، الذي خَلَقه للنَّار، وللطَّرد عن بابه، والإبعاد عن رحمته.
وبالجملة؛ فحاشا حكمتَه أن تسوِّي بين دماء خير البريَّة ودماء شرِّ البريَّة في أخذِ هذه بهذه، سيَّما وقد أباح لأوليائه دماءَ أعدائه وجَعَلهم قرابينَ لهم، وإنما اقتضت حكمتُه أن يكفُّوا عنهم إذا صاروا تحت قَهْرهم وإذلالهم كالعبيد لهم، يؤدُّون إليهم الجِزيةَ التي هي خَراجُ رؤوسِهم (?)، مع بقاء السَّبب المُوجِب لإباحة دمائهم.
وهذا التَّركُ والكفُّ لا يقتضي استواءَ الدَّمَيْن عقلًا، ولا شرعًا، ولا مصلحة. ولا ريبَ أنَّ الدَّمَيْن قبل القهر والإذلال لم يكونا بمستويَيْن؛ لأجل الكفر، فأيُّ