من تمام حكمته وكمال رحمته، وهو البَرُّ الرحيم.
* وأيضا؛ فإنه سبحانه لما خلَق خلقَه أطوارًا وأصنافًا، وسبَق في حكمه (?) تفضيلُه آدمَ وبنيه على كثيرٍ من مخلوقاته = جعَل عبوديَّته أفضلَ درجاتهم، أعني العبوديةَ الاختيارية التي يأتونَ بها طوعًا واختيارًا، لا كرهًا واضطرارًا.
وقد ثبت أنَّ الله سبحانه أرسل جبريلَ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يخيِّره بين أن يكون مَلِكًا نبيًّا أو عبدًا نبيًّا، فنظر إلى جبريل كالمستشير له، فأشار إليه أنْ تواضعْ، فقال: "بل أكونُ عبدًا نبيًّا" (?)؛ فذَكَره سبحانه باسم عبوديَّته في أشرف مقاماته: في مقام الإسراء، ومقام الدَّعوة، ومقام التحدِّي.
فقال في مقام الإسراء: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا} [الإسراء: 1]، ولم يقل: "برسوله"، ولا: "نبيه"؛ إشارةً إلى أنه قال هذا المقامَ الأعظم بكمال عبوديَّته لربه.
وقال في مقام الدعوة: {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا (19)} [الجن: 19]