فيُحِبُّ ويُبْغِضُ لأجل تلك المقارنة (?)، فمقارِنُ المحبوب محبوبٌ، ومقارنُ المكروه مكروه، كقوله:

وما حُبُّ الدِّيار شَغَفْنَ قلبي ... ولكنْ حُبُّ من سَكَنَ الدِّيارا

وقولِ الآخر:

إذا ذَكَروا أوطانَهم ذَكَّرَتهمُ ... عُهودًا جَرَت فيها فَحَنُّوا لذلِكا

الوجه التَّاسع والعشرون: قولكم: "إنَّ الصَّبرَ على السَّيف في ترك كلمة الكفر لا يستحسنُه العقلاءُ لولا الشرع، بل ربَّما استقبَحوه، إنَّما يُستَحسَنُ للثَّواب أو الثَّناء بالشجاعة، وكذلك بالصَّبر (?) على حِفظ السرِّ والوفاء بالعهد، لِمَا في ذلك من المصالح، فإن فُرِض حيث لا ثناء فيه فقد وُجِدَ مقرونا بالثَّناء، فيبقى ميلُ الوهم للمقرون" (?).

فيقال لكم: استحسانُ الشرع له مطابقٌ لاستحسان العقل لا مخالف، وكذلك انتظارُ الثَّواب به هو لحُسْنه في نفسه.

وكذلك المصالحُ المترتِّبةُ على حِفظ السرِّ والوفاء بالعهد هي لِمَا قام بذوات هذه الأفعال من الصِّفات التي أوجبت المصالح؛ إذ لو ساوت غيرَها لم تكن باقتضاء المصلحة أولى منها.

وقولكم: "إنه إذا فُرِض حيث لا ثناء، يبقى (?) ميلُ الوهم للمقارنة"، فقد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015