وانفعالاته، أن يتلقاه معلومات وثقافات، وأن يتلقاه أفكارا وتصورات، وأن يتلقاه حقائق وبدهيات، وقيما حية، وتوجيهات حياتية، ومبادئ معاشة، وأوامر عملية ميدانية، ودليلا عمليا لحياته فى يومه ونهاره .. عليه أن يتلقاه بعقله وذهنه وخياله، وأن يتلقاه بفكره ووعيه وإدراكه، وأن يتلقاه بقلبه وروحه ووجدانه وضميره، وأن يتلقاه بشعوره وإحساسه وهمته وطاقته، وأن يصل بين كل الأجهزة فى كيانه، وأن ينسق بين ما تلقاه كل منها، وأن يجمع هذه الحصيلة مجتمعة، وأن يربط بينها بخيوط متينة دقيقة، وأن يحولها إلى برنامج يومى، وسلوك عملى، وحقائق معاشة، وإيمان قرآنى حى فاعل مؤثر .. وأن يقتدى فى ذلك برسول الله صلّى الله عليه وسلّم- كما تقول السيدة عائشة رضى الله عنها- كان خلقه القرآن، وأن يقتدى بأصحابه الكرام رضوان الله عليهم الذين كانوا يتلقون القرآن «تلقيا للتنفيذ» لينفذوه فور سماعه، وينظرون له نظرة الجندى فى الميدان إلى «الأمر اليومى» الصادر إليه، ليعمل به فور تلقيه. (كما يقول سيد قطب فى معالم فى الطريق:
17 - 20).
لذلك على القارئ أن يتمتع أثناء النظر فى القرآن بحضور كامل فاعل، وأن لا يشغله عن القرآن- وهو يتلوه- شاغل، أو يصرفه عنه صارف، أو يحول بينه وبين إيحاءاته وأنواره حجاب أو مانع، وأن يجمع على فهمه نفسه وهمته وفكره، ووجدانه وخياله وشعوره، وقلبه وعقله ووعيه ..
على القارئ أن لا يخلط بين الوسائل والغايات، وأن لا يجعل من الوسائل غايات، فكم سيخسر لو فعل ذلك! إن كل ما يستخدمه أثناء التلاوة لا يعدو أن يكون وسائل توصله إلى غاية واحدة محددة .. التلاوة، والتدبر، والنظر، وما يحصل عليه من حقائق ولطائف ومعلومات وتقريرات، وما ينقدح فى قلبه من أفهام ومبادئ وآراء، والاطلاع على