لا بدّ من الحضور الفاعل الحى المؤثر أثناء تلاوة القرآن وتدبره والتعامل معه بكافة مشاعره وأحاسيسه وانفعالاته، واستخدام كل أجهزة كيانه الإنسانى .. فلا يكون هدف القارئ من نظراته فى القرآن مجرد الأجر والثواب فهذا وارد وسيحصل عليه بإذن الله .. كما لا يكون هدفه «تثقيف» نفسه بثقافة قرآنية شاملة، وحشو ذهنه المجرد وعقله النظرى بألوان شيقة من المعرفة والثقافة، وزيادة رصيده من الثقافات والعلوم والمعارف .. وإن الوقوف عند الثقافة وحدها لا يولد عملا ولا التزاما ولا سلوكا سليما .. كل ما فى الأمر أنه يملأ عقله بهذه المعلومات، فتتحول إلى قضايا ومعلومات وثقافات نظرية، وتوضع هناك فى «خانة» المنطق الذهنى النظرى المجرد، وتتجمد فيه إلى أن تضعف فتزول وتتلاشى، أو تبقى مجمدة عاجزة عن الوصول إلى منافذ التوجيه والقيادة والتربية .. فترى هذا الإنسان يردد ما فى عقله من معلومات، وما فى ذهنه من ثقافات، ويتحدث عنها- بلباقة وفصاحة- ولكن أين هو فى شخصيته واستقامته مما يقول؟ وأين هو فى مسلكياته وحياته مما يبشر به؟ وأين هو فى ارتباطه وصلته بمن حوله مما يتحدث عنه؟
على القارئ أن يتلقى إيحاءات القرآن بمشاعره وأحاسيسه