قُلْت: وَالْمُسْتَنْبَتُ كَغَيْرِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ
وَيَحِلُّ الْإِذْخِرُ، وَكَذَا الشَّوْكُ كَالْعَوْسَجِ وَغَيْرِهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَالْأَصَحُّ حِلُّ أَخْذِ نَبَاتِهِ لِعَلْفِ الْبَهَائِمِ وَلِلدَّوَاءِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَلْعِ الشَّجَرَةِ، وَكَلَامُ التَّنْبِيهِ يَقْتَضِي التَّوَقُّفَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُصَرِّحَا فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ بِالْمَسْأَلَةِ. نَعَمْ عَبَّرَ الرَّافِعِيُّ بِالتَّامَّةِ، وَلَعَلَّهُ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ قَطْعِ الْغُصْنِ (قُلْت: وَالْمُسْتَنْبَتُ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ، وَهُوَ مَا اسْتَنْبَتَهُ الْآدَمِيُّونَ مِنْ الشَّجَرِ (كَغَيْرِهِ) فِي الْحُرْمَةِ وَالضَّمَانِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) وَهُوَ الْقَوْلُ الْأَظْهَرُ وَقَطَعَ بِهِ بَعْضُهُمْ لِعُمُومِ الْحَدِيثِ السَّابِقِ. وَالثَّانِي: الْمَنْعُ تَشْبِيهًا لَهُ بِالزَّرْعِ أَيْ كَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالْبُقُولِ وَالْخَضْرَاوَاتِ فَإِنَّهُ قَطَعَهُ وَلَا ضَمَانَ فِيهِ بِلَا خِلَافٍ. ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ.
(وَيَحِلُّ) مِنْ شَجَرِ الْحَرَمِ (الْإِذْخِرُ) قَطْعًا وَقَلْعًا لِاسْتِثْنَائِهِ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ، قَالَ الْعَبَّاسُ «يَا رَسُولَ اللَّهِ إلَّا الْإِذْخِرَ فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ وَبُيُوتِهِمْ، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إلَّا الْإِذْخِرَ» وَمَعْنَى كَوْنِهِ لِبُيُوتِهِمْ أَنَّهُمْ يَسْقُفُونَهَا بِضَمِّ الْقَافِ بِهِ فَوْقَ الْخَشَبِ، وَالْقَيْنُ الْحَدَّادُ، وَهُوَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ نَبَاتٌ مَعْرُوفٌ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ آخِذَهُ يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِجَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ مِنْ بَيْعٍ وَغَيْرِهِ وَبِذَلِكَ أَفْتَى شَيْخِي (وَكَذَا الشَّوْكُ) يَحِلُّ شَجَرُهُ (كَالْعَوْسَجِ) جَمْعُ عَوْسَجَةٍ نَوْعٌ مِنْ الشَّوْكِ (وَغَيْرِهِ) مِنْ كُلِّ مُؤْذٍ يَحِلُّ (عِنْدَ الْجُمْهُورِ) كَالصَّيْدِ الْمُؤْذِي فَلَا ضَمَانَ فِي قَطْعِهِ، وَقِيلَ: يَحْرُمُ وَيَجِبُ الضَّمَانُ بِقَلْعِهِ وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَاخْتَارَهُ فِي تَحْرِيرِ التَّنْبِيهِ وَتَصْحِيحِهِ. قَالَ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّيُودِ الْمُؤْذِيَةِ أَنَّهَا تَقْصِدُ الْأَذَى بِخِلَافِ الشَّجَرِ.
تَنْبِيهٌ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلِأَجْلِ اخْتِيَارِ الْمُصَنِّفِ الْمَنْعَ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَلَمْ يُعَبِّرْ بِالصَّحِيحِ وَنَحْوِهِ عَلَى عَادَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ إطْلَاقُ تَصْحِيحِ الْجَوَازِ لِاعْتِقَادِهِ خِلَافَهُ، وَلَا تَصْحِيحِ الْمَنْعِ لِكَوْنِهِ خِلَافَ الْمَشْهُورِ فِي الْمَذْهَبِ اهـ.
لَكِنَّهُ لَمْ يَحْتَرِزْ عَنْ ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ، بَلْ قَالَ عَلَى الصَّحِيحِ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ. وَفِي الْمَجْمُوعِ نَحْوُهُ: وَيَجُوزُ رَعْيُ حَشِيشِ الْحَرَمِ بَلْ وَشَجَرِهِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ لِلْبَهَائِمِ؛ لِأَنَّ الْهَدَايَا كَانَتْ تُسَاقُ فِي عَصْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَمَا كَانَتْ تُسَدُّ أَفْوَاهُهَا فِي الْحَرَمِ، وَيَحِلُّ أَخْذُ حَشِيشِهِ لِلْبَهَائِمِ (وَالْأَصَحُّ حِلُّ أَخْذِ نَبَاتِهِ) مِنْ حَشِيشٍ وَنَحْوِهِ بِالْقَطْعِ (لِعَلْفِ الْبَهَائِمِ) بِسُكُونِ اللَّامِ كَمَا يَجُوزُ تَسْرِيحُهَا فِيهِ (وَلِلدَّوَاءِ) بِالْمَدِّ كَالْحَنْظَلِ وَلِلتَّغَذِّي كَالرِّجْلَةِ وَالْبَقْلَةِ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَلِأَنَّ ذَلِكَ فِي مَعْنَى الزَّرْعِ، وَلَا يُقْطَعُ ذَلِكَ إلَّا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ كَجٍّ، وَالثَّانِي: يُمْنَعُ ذَلِكَ وُقُوفًا مَعَ ظَاهِرِ الْخَبَرِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَجُوزُ قَطْعُهُ لِلْبَيْعِ مِمَّنْ يُعْلَفُ بِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ لِأَنَّهُ كَالطَّعَامِ الَّذِي أُبِيحَ أَكْلُهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ: إنَّا حَيْثُ جَوَّزْنَا أَخْذَ السِّوَاكِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ جَوَازُ أَخْذِهِ لِلدَّوَاءِ أَنَّهُ لَا يُتَوَقَّفُ عَلَى وُجُودِ السَّبَبِ حَتَّى يَجُوزَ أَخْذُهُ لِيَسْتَعْمِلَهُ عِنْدَ وُجُودِهِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ الْمُتَّجَهُ اهـ.
وَالْمُتَّجَهُ الْمَنْعُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ: لِأَنَّ مَا جَازَ لِلضَّرُورَةِ أَوْ لِحَاجَةٍ يُقَيَّدُ بِوُجُودِهَا كَمَا فِي اقْتِنَاءِ الْكَلْبِ.
تَنْبِيهٌ: اقْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ عَلَى النَّبَاتِ قَدْ يُفْهِمُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَتَعَدَّى لِغَيْرِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَيَحْرُمُ