وَالْأَظْهَرُ تَعَلُّقُ الضَّمَانِ بِهِ وَبِقَطْعِ أَشْجَارِهِ فَفِي الشَّجَرَةِ الْكَبِيرَةِ بَقَرَةٌ وَالصَّغِيرَةِ شَاةٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَجْمُوعِ: وَهَذَا لَا يُخَالِفُ قَوْلَ الْمَاوَرْدِيُّ إنَّ الْحَشِيشَ إذَا جَفَّ وَمَاتَ يَجُوزُ قَلْعُهُ؛ لِأَنَّ الْيَابِسَ قَدْ يَفْسُدُ مَنْبَتُهُ وَيَمُوتُ أَيْ فَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيُّ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا وَالْأَوَّلُ عَلَى خِلَافِهِ، وَبِالْحَرَمِ نَبَاتُ الْحِلِّ إذَا لَمْ يَكُنْ بَعْضُ أَصْلِهِ فِي الْحَرَمِ فَيَجُوزُ قَطْعُهُ وَقَلْعُهُ وَلَوْ بَعْدَ غَرْسِهِ فِي الْحَرَمِ بِخِلَافِ عَكْسِهِ عَمَلًا بِالْأَصْلِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَلَوْ قَلَعَ شَجَرَةً رَطْبَةً مِنْ الْحَرَمِ ثُمَّ رَدَّهَا إلَى مَوْضِعِهَا أَوْ مَوْضِعٍ آخَرَ فِيهِ فَنَبَتَتْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. أَمَّا مَا بَعْضُ أَصْلِهِ فِي الْحَرَمِ فَيَحْرُمُ تَغْلِيبًا لِلْحَرَمِ، وَبِمَا لَا يُسْتَنْبَتُ مَا يُسْتَنْبَتُ، وَسَيَأْتِي تَخْصِيصُهُ بِغَيْرِ الشَّجَرِ كَبُرٍّ وَشَعِيرٍ فَلِمَالِكِهِ قَطْعُهُ وَقَلْعُهُ، وَلَوْ قَطَعَ غُصْنًا فِي الْحَرَمِ أَصْلُهُ فِي الْحِلِّ لَمْ يَضْمَنْهُ وَيَضْمَنُ صَيْدًا قَتَلَهُ فَوْقَهُ، وَحُكْمُ عَكْسِهِ عَكْسُ حُكْمِهِ.
قَالَ الْفُورَانِيُّ: وَلَوْ غَرَسَ فِي الْحِلِّ نَوَاةَ شَجَرَةٍ حُرْمِيَّةٍ ثَبَتَ لَهَا حُكْمُ الْأَصْلِ وَلَا ضَمَانَ بِقَطْعِ الْأَغْصَانِ الْحَرَمِيَّةِ الْمُؤْذِيَةِ لِلنَّاسِ فِي الطَّرِيقِ، وَلَوْ أَخَذَ غُصْنًا مِنْ شَجَرَةٍ حُرْمِيَّةٍ فَأَخْلَفَ مِثْلُهُ فِي سَنَتِهِ بِأَنْ كَانَ لَطِيفًا كَالسِّوَاكِ فَلَا ضَمَانَ فِيهِ، فَإِنْ لَمْ يُخْلِفْ أَوْ أَخْلَفَ لَا مِثْلُهُ أَوْ مِثْلُهُ لَا فِي سَنَتِهِ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ، فَإِنْ أَخْلَفَ مِثْلُهُ بَعْدَ وُجُوبِ ضَمَانِهِ لَمْ يَسْقُطْ الضَّمَانُ، كَمَا لَوْ قَلَعَ سِنَّ مَثْغُورٍ فَنَبَتَ، وَيَجُوزُ أَخْذُ أَوْرَاقِ الْأَشْجَارِ. بِلَا خَلْطٍ لِئَلَّا يَضُرَّ بِهَا وَخَبْطُهَا حَرَامٌ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ، وَنُقِلَ اتِّفَاقُهُمْ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُ ثَمَرِهَا وَعُودِ السِّوَاكِ وَنَحْوِهِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ الْغُصْنَ اللَّطِيفَ وَإِنْ لَمْ يَخْلُفْ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ الْأَقْرَبُ وَنُقِلَ مَا يُؤَيِّدُهُ. قَالَ شَيْخُنَا: لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ اهـ.
وَالْأَوْلَى أَنْ يُحْمَلَ مَا هُنَا عَلَى مَا هُنَاكَ (وَالْأَظْهَرُ تَعَلُّقُ الضَّمَانِ بِهِ) أَيْ بِقَطْعِ نَبَاتِ الْحَرَمِ الرَّطْبِ، وَهُوَ شَامِلٌ لِلشَّجَرِ كَمَا مَرَّ فَقَوْلُهُ (وَبِقَطْعِ أَشْجَارِهِ) تَبِعَ فِيهِ الْمُحَرَّرَ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ، فَهُوَ مِنْ ذِكْرِ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ (فَفِي) أَيْ يَجِبُ فِي قَطْعِ أَوْ قَلْعِ (الشَّجَرَةِ) الْحَرَمِيَّةِ (الْكَبِيرَةِ) بِأَنْ تُسَمَّى كَبِيرَةً عُرْفًا (بَقَرَةٌ) كَمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَمِثْلُهُ لَا يُقَالُ إلَّا بِتَوْقِيفٍ وَسَوَاءٌ أَخْلَفَتْ الشَّجَرَةُ أَمْ لَا. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَالْبَدَنَةُ فِي مَعْنَى الْبَقَرَةِ. فَإِنْ قِيلَ: لَمْ تَسْمَحُوا بِهَا عَنْ الْبَقَرَةِ وَلَا عَنْ الشَّاةِ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ؟ .
أُجِيبَ بِأَنَّهُمْ رَاعَوْا الْمِثْلِيَّةَ فِي الصَّيْدِ بِخِلَافِهِ هُنَا (وَ) فِي (الصَّغِيرَةِ) إنْ قَارَبَتْ سُبْعَ الْكَبِيرَةِ (شَاةٌ) رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا، فَإِنْ صَغُرَتْ جِدًّا فَفِيهَا الْقِيمَةُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَسَكَتَ الرَّافِعِيُّ عَمَّا جَاوَزَ سَبُعَ الْكَبِيرَةِ، وَلَمْ يَنْتَهِ إلَى حَدِّ الْكِبَرِ، وَيَنْبَغِي أَنْ تَجِبَ فِيهِ شَاةٌ أَعْظَمُ مِنْ الْوَاجِبَةِ فِي سُبْعِ الْكَبِيرَةِ.
تَنْبِيهٌ: سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْوَاجِبِ فِي غَيْرِ الشَّجَرِ مِنْ النَّبَاتِ، وَالْوَاجِبُ فِيهِ الْقِيمَةُ؛ لِأَنَّهُ الْقِيَاسُ وَلَمْ يَرِدْ نَصٌّ يَدْفَعُهُ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الشَّيْخَانِ لِسِنِّ الْبَقَرَةِ، وَفِي الِاسْتِقْصَاءِ لَا يُشْتَرَطُ إجْزَاؤُهَا فِي الْأُضْحِيَّةِ بَلْ يَكْفِي فِيهَا التَّبِيعُ. وَأَمَّا الشَّاةُ فَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ فِي سِنِّ الْأُضْحِيَّةِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَكَانَ الْفَرْقُ أَنَّ الشَّاةَ لَمْ يُوجِبْهَا الشَّرْعُ إلَّا فِي هَذَا السِّنِّ بِخِلَافِ الْبَقَرَةِ بِدَلِيلِ التَّبِيعِ فِي الثَّلَاثِينَ مِنْهَا، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي وُجُوبَ الْبَقَرَةِ أَوْ الشَّاةِ بِهِ بِمُجَرَّدِ الْقَطْعِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى