وَصَيْدُ الْمَدِينَةِ حَرَامٌ، وَلَا يُضْمَنُ فِي الْجَدِيدِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQنَقْلُ تُرَابِ الْحَرَمِ وَأَحْجَارِهِ وَمَا عُمِلَ مِنْ طِينِهِ كَالْأَبَارِيقِ وَغَيْرِهَا إلَى الْحِلِّ، فَيَجِبُ رَدُّهُ إلَى الْحَرَمِ بِخِلَافِ مَاءِ زَمْزَمَ كَمَا مَرَّ، وَنَقْلُ تُرَابِ الْحِلِّ إلَى الْحَرَمِ مَكْرُوهٌ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ لِعَدَمِ ثُبُوتِ نَهْيٍ فِيهِ، وَيَحْرُمُ أَخْذُ طِيبِ الْكَعْبَةِ، فَمَنْ أَرَادَ التَّبَرُّكَ مَسَحَهَا بِطِيبِ نَفْسِهِ ثُمَّ يَأْخُذُهُ، وَأَمَّا سِتْرُهَا فَالْأَمْرُ فِيهِ إلَى الْإِمَامِ يَصْرِفُهُ فِي بَعْضِ مَصَارِفِ بَيْتِ الْمَالِ بَيْعًا وَعَطَاءً لِئَلَّا يَتْلَفَ بِالْبِلَى، وَبِهَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةُ وَأُمُّ سَلَمَةَ، وَجَوَّزُوا لِمَنْ أَخَذَهُ لُبْسَهُ وَلَوْ جُنُبًا وَحَائِضًا،.
تَنْبِيهٌ نَقْلُ تُرَابِ حَرَمِ الْمَدِينَةِ وَأَحْجَارِهِ وَمَا عُمِلَ مِنْهُ كَالْكِيزَانِ وَإِدْخَالُ ذَلِكَ مِنْ الْحِلِّ إلَيْهِ وَالْحَرَمُ لَهُ حُدُودٌ مَعْرُوفَةٌ نَظَمَ بَعْضُهُمْ مَسَافَتَهَا بِالْأَمْيَالِ فِي بَيْتَيْنِ فَقَالَ:
وَلِلْحَرَمِ التَّحْدِيدُ مِنْ أَرْضٍ طَيِّبَةٍ ... ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ إذَا رُمْتَ إتْقَانَهْ
وَسَبْعَةُ أَمْيَالٍ عِرَاقٍ وَطَائِفٍ ... وَجُدَّةُ عَشْرٌ ثُمَّ تِسْعٌ جِعْرَانَهْ
وَالسِّينُ فِي سَبْعَةٍ: الْأُولَى مُقَدَّمَةٌ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ، وَزَادَ بَعْضُهُمْ بَيْتًا ثَالِثًا فَقَالَ:
وَمِنْ يَمَنٍ سَبْعٌ بِتَقْدِيمِ سِينِهِ ... وَقَدْ كَمُلَتْ فَاشْكُرْ لِرَبِّك إحْسَانَهْ.
(وَصَيْدُ) حَرَمِ (الْمَدِينَةِ) أَوْ أَخْذُ نَبَاتِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ (حَرَامٌ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ إبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَإِنِّي حَرَّمْتُ الْمَدِينَةَ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا لَا يُقْطَعُ عِضَاهَا وَلَا يُصَادُ صَيْدُهَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ.
تَنْبِيهٌ: لَوْ زَادَ الْمُصَنِّفُ حَرُمَ كَمَا قَدَّرْتُهُ فِي كَلَامِهِ تَبَعًا لِلْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ لَا يَخْتَصُّ بِالْمَدِينَةِ، وَاللَّابَتَانِ الْحَرَّتَانِ بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ تَثْنِيَةُ لَابَةٍ، وَهِيَ أَرْضٌ تَرْكَبُهَا حِجَارَةٌ سُودٌ: لَابَةٌ شَرْقِيِّ الْمَدِينَةِ وَلَابَةٌ غَرْبِيُّهَا فَحَرَمُهَا مَا بَيْنَهَا عَرْضًا وَمَا بَيْنَ جَبَلَيْهَا طُولًا وَهُمَا عَيْرٌ وَثَوْرٌ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «الْمَدِينَةُ حَرَمٌ مِنْ عَيْرٍ إلَى ثَوْرٍ» وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ ذِكْرَ ثَوْرٍ هُنَا، وَهُوَ بِمَكَّةَ غَلَطٌ مِنْ الرُّوَاةِ وَأَنَّ الرِّوَايَةَ الصَّحِيحَةَ أُحُدٌ. وَرُدَّ بِأَنَّ وَرَاءَهُ جَبَلًا صَغِيرًا يُقَالُ لَهُ ثَوْرٌ فَأُحُدٌ مِنْ الْحَرَمِ (وَلَا يُضْمَنُ) الصَّيْدُ وَلَا النَّبَاتُ (فِي الْجَدِيدِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحِلًّا لِلنُّسُكِ بِخِلَافِ حَرَمِ مَكَّةَ، وَالْقَدِيمُ أَنَّهُ يُضْمَنُ بِسَلَبِ الصَّائِدِ وَالْقَاطِعِ لِشَجَرِهِ، وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَتَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ لِثُبُوتِ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الشَّجَرِ وَأَبُو دَاوُد فِي الصَّيْدِ، وَاخْتُلِفَ عَلَى هَذَا فِي السَّلَبِ مَا هُوَ وَلِمَنْ هُوَ؟ فَقِيلَ: إنَّهُ كَسَلَبِ الْقَتِيلِ الْكَافِرِ، وَقِيلَ: ثِيَابُهُ فَقَطْ، وَقِيلَ: وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي الْمَجْمُوعِ إنَّهُ يُتْرَكُ لِلْمَسْلُوبِ مَا يَسْتُرُ بِهِ عَوْرَتَهُ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ السَّلَبَ لِلسَّالِبِ، وَقِيلَ لِفُقَرَاءِ الْمَدِينَةِ، وَقِيلَ لِبَيْتِ الْمَالِ وَنَقْلُ تُرَابِ حَرَمِ الْمَدِينَةِ وَأَحْجَارِهِ وَمَا عُمِلَ مِنْهُ كَالْكِيزَانِ وَإِدْخَالُ ذَلِكَ مِنْ الْحِلِّ إلَيْهِ حُكْمُ حَرَمِ مَكَّةَ