وَلَوْ قَالَ أَللَّهُ وَرَفَعَ أَوْ نَصَبَ أَوْ جَرَّ فَلَيْسَ بِيَمِينٍ إلَّا بِنِيَّةٍ.
وَلَوْ قَالَ أَقْسَمْت أَوْ أُقْسِمُ، أَوْ حَلَفْت أَوْ أَحْلِفُ بِاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى اسْمٍ وَاحِدٍ فَقَدْ بُورِكَ لَهَا فِي اخْتِصَاصِهَا بِأَشْرَفِ الْأَسْمَاءِ وَأَجَلِّهَا فَلَا تَدْخُلُ عَلَى غَيْرِ لَفْظِ اللَّهِ: أَيْ لُغَةً فَلَا يُقَالُ: تَرَبِّكَ. وَقَالَ ابْنُ مَالِكٍ: حَكَى الْأَخْفَشُ تَرَبِّ الْكَعْبَةِ وَهُوَ شَاذٌّ. وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ: تَالرَّحْمَنِ أَوْ الرَّحِيمِ انْعَقَدَتْ يَمِينُهُ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ، غَايَتُهُ أَنَّهُ اُسْتُعْمِلَ شَاذًّا، فَإِنْ أَرَادَ غَيْرَ الْيَمِينِ قُبِلَ مِنْهُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: بِاَللَّهِ بِالْمُوَحَّدَةِ أَوْ وَاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا، وَنَوَى غَيْرَ الْيَمِينِ كَاسْتَعَنْتُ بِاَللَّهِ أَوْ اعْتَصَمْت أَوْ وَاَللَّهِ الْمُسْتَعَانِ لَمْ يَكُنْ يَمِينًا.
تَنْبِيهٌ كَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ: وَيَخْتَصُّ بِاَللَّهِ بِالتَّاءِ؛ لِأَنَّ الشَّائِعَ أَنَّ فِعْلَ الِاخْتِصَاصِ إنَّمَا يَدْخُلُ عَلَى الْمَقْصُورِ فِي الْمَشْهُورِ، وَذَلِكَ فِي التَّاءِ لَا فِي اللَّهِ وَإِنْ جَازَ دُخُولُهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيْهِ الْبَاءُ وَالْوَاوُ، وَعِبَارَتُهُ تَقْتَضِي أَنَّ اللَّهَ لَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ غَيْرُ التَّاءِ، وَهُوَ مُدَافِعٌ لِكَلَامِهِ السَّابِقِ.
(وَلَوْ) حَذَفَ الْحَالِفُ حَرْفَ الْقَسَمِ وَ (قَالَ: آللَّهِ) بِهَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ أَوْ بِدُونِهَا (وَرَفَعَ أَوْ نَصَبَ أَوْ جَرَّ) أَوْ سَكَّنَ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا (فَلَيْسَ بِيَمِينٍ إلَّا بِنِيَّةٍ) لَهَا، وَاللَّحْنُ لَا يَمْنَعُ انْعِقَادَ الْيَمِينِ عَلَى أَنَّ غَيْرَ الرَّفْعِ لَا لَحْنَ فِيهِ، فَالنَّصْبُ بِنَزْعِ الْخَافِضِ وَالْجَرُّ بِحَذْفِهِ وَإِبْقَاءِ عَمَلِهِ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَلَا يَجُوزُ حَذْفُ حَرْفِ الْجَرِّ وَإِبْقَاءِ عَمَلِهِ إلَّا فِي الْقَسَمِ وَالتَّسْكِينِ بِإِجْرَاءِ الْوَصْلِ مَجْرَى الْوَقْفِ، وَأَمَّا الرَّفْعُ فَيَصِحُّ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءَ كَلَامٍ.
تَنْبِيهٌ أَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ التَّصْرِيحَ بِحَرْفِ الْقَسَمِ تَنْعَقِدُ بِهِ الْيَمِينُ بِلَا نِيَّةٍ، سَوَاءٌ أَرَفَعَ أَمْ نَصَبَ أَمْ جَرَّ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَالْخَطَأُ فِي الْإِعْرَابِ لَا يَمْنَعُ صَرَاحَةَ الْيَمِينِ بِذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ: فَاَللَّهِ بِالْفَاءِ أَوْ يَا اللَّهِ بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتُ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا كَانَ كِنَايَةً، وَجْهُ كَوْنِهِ يَمِينًا فِي الثَّانِيَةِ بِحَذْفِ الْمُنَادَى، وَكَأَنَّهُ قَالَ: يَا قَوْمُ أَوْ يَا رَجُلُ. ثُمَّ اسْتَأْنَفَ الْيَمِينَ، وَلَوْ قَالَ لَهُ الْقَاضِي قُلْ: وَاَللَّهِ، فَقَالَ تَاللَّهِ بِالْمُثَنَّاةِ أَوْ وَالرَّحْمَنِ لَمْ يُحْسَبْ يَمِينًا لِمُخَالَفَتِهِ التَّحْلِيفَ، وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَا يُحْسَبُ يَمِينًا فِيمَا لَوْ قَالَ لَهُ: قُلْ: تَاللَّهِ بِالْمُثَنَّاةِ، فَقَالَ: بِاَللَّهِ بِالْمُوَحَّدَةِ، أَوْ قُلْ: بِاَللَّهِ، فَقَالَ: وَاَللَّهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَلَوْ قَالَ: بِاَللَّهِ بِحَذْفِ الْأَلِفِ بَعْدَ اللَّامِ الْمُشَدَّدَةِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: يَنْبَغِي أَنْ لَا تَكُونَ يَمِينًا وَإِنْ نَوَاهَا. قَالَ: لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا بِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ صِفَتِهِ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّ هَذَا لَحْنٌ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ اللَّحْنَ مُخَالَفَةُ صَوَابِ الْإِعْرَابِ، بَلْ هَذِهِ كَلِمَةٌ أُخْرَى، وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: لَيْسَ هُوَ لَحْنًا بَلْ لُغَةً، حَكَاهَا الزَّجَّاجِيُّ: وَهِيَ شَائِعَةٌ، فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ يَمِينًا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَوْ اسْتَحْضَرَ النَّوَوِيُّ مَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ لَمَا قَالَ مَا قَالَ، وَجَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْجُوَيْنِيِّ وَالْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ مِنْ أَنَّهَا يَمِينٌ إنْ نَوَاهَا، وَيُحْمَلُ حَذْفُ الْأَلْفِ عَلَى اللَّحْنِ؛ لِأَنَّ الْكَلِمَةَ تَجْرِي كَذَلِكَ عَلَى أَلْسِنَةِ الْعَوَامّ وَالْخَوَاصِّ، وَهَذَا أَوْجَهُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الصَّلَاحِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ؛ لِأَنَّ الْبَلَّةَ تَكُونُ بِمَعْنَى الرُّطُوبَةِ، فَلَا يَكُونُ يَمِينًا إلَّا بِنِيَّةٍ.
(وَلَوْ قَالَ: أَقْسَمْت أَوْ أُقْسِمُ) أَوْ آلَيْتُ أَوْ أُولِي (أَوْ حَلَفْت أَوْ أَحْلِفُ بِاَللَّهِ) الرَّاجِحُ لِكُلِّ الصُّوَرِ (لَأَفْعَلَنَّ) كَذَا