فَيَمِينٌ إنْ نَوَاهَا أَوْ أَطْلَقَ، وَإِنْ قَالَ قَصَدْتُ خَبَرًا مَاضِيًا أَوْ مُسْتَقْبَلًا صُدِّقَ بَاطِنًا وَكَذَا ظَاهِرًا عَلَى الْمَذْهَبِ.

وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ أُقْسِمُ عَلَيْكَ بِاَللَّهِ أَوْ أَسْأَلُك بِاَللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ وَأَرَادَ يَمِينَ نَفْسِهِ فَيَمِينٌ، وَإِلَّا فَلَا.

ـــــــــــــــــــــــــــــQ (فَيَمِينٌ) قَطْعًا (إنْ نَوَاهَا) لِاطِّرَادِ الْعُرْفِ بِاسْتِعْمَالِ ذَلِكَ فِي الْيَمِينِ، لَا سِيَّمَا ذَلِكَ وَقَدْ نَوَاهُ (أَوْ أَطْلَقَ) فِي الْأَصَحِّ لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} [الأنعام: 109] {فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ} [المائدة: 106] وَقِيلَ: لَا يَكُونُ ذَلِكَ يَمِينًا؛ لِأَنَّ صَلَاحِيَّةَ أَقْسَمْتُ لِلْمَاضِي، وَأُقْسِمُ لِلْمُسْتَقْبَلِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: بِاَللَّهِ مَا لَوْ سَكَتَ عَنْ ذِكْرِهِ فَلَيْسَ بِيَمِينٍ، وَإِنْ نَوَاهُ (وَإِنْ قَالَ: قَصَدْتُ) بِصِيغَةِ الْمَاضِي السَّابِقَةِ (خَبَرًا مَاضِيًا) أَيْ الْإِخْبَارَ عَنْ يَمِينٍ مَاضِيَةٍ، (أَوْ) أَرَدْتُ بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ السَّابِقَةِ (مُسْتَقْبَلًا) أَيْ يَمِينًا فِي الْمُسْتَقْبَلِ (صُدِّقَ بَاطِنًا) أَيْ دِينَ فِيهِ قَطْعًا حَتَّى لَا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى لِاحْتِمَالِ مَا يَدَّعِيهِ (وَكَذَا ظَاهِرًا عَلَى الْمَذْهَبِ) لِاحْتِمَالِ مَا نَوَاهُ، وَفِي قَوْلٍ: لَا، وَبِهِ قَطَعَ بَعْضُهُمْ لِظُهُورِ اللَّفْظِ فِي الْإِنْشَاءِ.

تَنْبِيهٌ مَحَلُّ الْخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُعْلَمْ لَهُ يَمِينٌ مَاضِيَةٌ وَإِلَّا قُبِلَ قَوْلُهُ فِي إرَادَتِهَا قَطْعًا.

(وَلَوْ قَالَ) شَخْصٌ (لِغَيْرِهِ أُقْسِمُ عَلَيْكَ بِاَللَّهِ أَوْ أَسْأَلُك بِاَللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ) كَذَا (وَأَرَادَ يَمِينَ نَفْسِهِ فَيَمِينٌ) لِاشْتِهَارِهِ فِي أَلْسِنَةِ حَمَلَةِ الشَّرْعِ، وَيُسَنُّ لِلْمُخَاطَبِ إبْرَارُهُ فِيهِمَا إنْ لَمْ يَتَضَمَّنْ الْإِبْرَارُ ارْتِكَابَ مُحَرَّمٍ أَوْ مَكْرُوهٍ، فَإِنْ لَمْ يَبَرَّهُ فَالْكَفَّارَةُ عَلَى الْحَالِفِ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَرَادَ يَمِينَ الْمُخَاطَبِ أَوْ لَمْ يُرِدْ يَمِينًا، بَلْ التَّشَفُّعَ إلَيْهِ أَوْ أَطْلَقَ (فَلَا) يَكُونُ يَمِينًا فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ هُوَ، وَلَا الْمُخَاطَبُ، وَيُحْمَلُ عَلَى الشَّفَاعَةِ فِي فِعْلِهِ، وَيُكْرَهُ السُّؤَالُ بِوَجْهِ اللَّهِ، وَرُدَّ السَّائِلُ بِهِ لِحَدِيثِ «لَا يُسْأَلُ بِوَجْهِ اللَّهِ إلَّا الْجَنَّةُ» وَخَبَرِ «مَنْ سَأَلَ بِاَللَّهِ تَعَالَى فَأَعْطُوهُ» .

فُرُوعٌ: لَوْ حَلَفَ شَخْصٌ بِاَللَّهِ، فَقَالَ آخَرُ: يَمِينِي فِي يَمِينِكَ أَوْ يَلْزَمُنِي مَا يَلْزَمُكَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، وَإِنْ نَوَى بِهِ الْيَمِينَ لِخُلُوِّ ذَلِكَ عَنْ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ، وَإِنْ قَالَ: الْيَمِينُ لَازِمَةٌ لِي لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، وَإِنْ نَوَى لِمَا مَرَّ، وَإِنْ قَالَ: أَيْمَانُ الْبَيْعَةِ لَازِمَةٌ لِي وَهِيَ بَيْعَةُ الْحَجَّاجِ، فَإِنَّ الْبَيْعَةَ كَانَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمُصَافَحَةِ فَلَمَّا وَلِيَ الْحَجَّاجُ رَتَّبَهَا أَيْمَانًا تَشْتَمِلُ عَلَى اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَلَى الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْحَجِّ وَالصَّدَقَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَإِنْ نَوَى، لِأَنَّ الصَّرِيحَ لَمْ يُوجَدْ وَالْكِنَايَةُ تَتَعَلَّقُ بِمَا يَتَضَمَّنُ إيقَاعًا، وَأَمَّا فِي الْتِزَامٍ فَلَا، إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الطَّلَاقَ وَالْعَتَاقَ فَيَلْزَمَهُ؛ لِأَنَّ لِلْكِنَايَةِ مَدْخَلًا فِيهِمَا، وَلَوْ قَالَ: إنْ فَعَلْتُ كَذَا فَأَيْمَانُ الْبَيْعَةِ لَازِمَةٌ لِي بِطَلَاقِهَا وَعَتَاقِهَا وَحَجِّهَا وَصَدَقَتِهَا، فَفِي التَّتِمَّةِ أَنَّ الطَّلَاقَ لَا حُكْمَ لَهُ، لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْتِزَامُهُ، وَالْبَاقِي يَتَعَلَّقُ بِهِ الْحُكْمُ، إلَّا أَنَّهُ فِي الْحَجِّ وَالصَّدَقَةِ كَنَذْرِ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ.

وَقَوْلُ الْحَالِفِ: لَاهَا اللَّهِ بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ كِنَايَةٌ إنْ نَوَى بِهِ الْيَمِينَ فَيَمِينٌ، وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ كَانَ مُسْتَعْمَلًا فِي اللُّغَةِ لِعَدَمِ اشْتِهَارِهِ، وَقَوْلُهُ: وَاَيْمُ اللَّهِ بِضَمِّ الْمِيمِ أَشْهُرُ مِنْ كَسْرِهَا وَوَصْلِ الْهَمْزَةِ، وَيَجُوزُ قَطْعُهَا، وَأَيْمُنِ اللَّهِ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ كُلٌّ مِنْهُمَا يَمِينًا إذَا أُطْلِقَ: لِأَنَّهُ وَإِنْ اشْتَهَرَ فِي اللُّغَةِ وَوَرَدَ فِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015