إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْعِبَادَاتِ.
وَحُرُوفُ الْقَسَمِ بَاءٌ وَوَاوٌ وَتَاءٌ: كَبِاللَّهِ وَوَاللَّهِ وَتَاللَّهِ، وَتَخْتَصُّ التَّاءُ بِاَللَّهِ تَعَالَى.
ـــــــــــــــــــــــــــــQاللَّهِ تَعَالَى، وَقَالَ غَيْرُهُ: حَقُّ اللَّهِ هُوَ الْقُرْآنُ. قَالَ تَعَالَى: {وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ} [الحاقة: 51] وَالْحَلِفُ بِالْقُرْآنِ يَمِينٌ فِي صُورَةِ الْإِطْلَاقِ، فَكَذَا مَا نَحْنُ فِيهِ (إلَّا أَنْ يُرِيدَ) بِالْحَقِّ (الْعِبَادَاتِ) الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا، فَلَا يَكُونُ يَمِينًا قَطْعًا؛ لِأَنَّ الْعِبَادَاتِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَلَيْسَتْ صِفَةً لَهُ تَعَالَى، فَإِنْ رَفَعَ الْحَقَّ أَوْ نَصَبَهُ فَكِنَايَةٌ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ اسْتِحْقَاقِ الطَّاعَةِ، وَالْإِلَهِيَّةِ فَلَيْسَ بِيَمِينٍ إلَّا بِنِيَّةٍ.
وَلَوْ حَلَفَ الْمُسْلِمُ بِآيَةٍ مَنْسُوخَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ أَوْ بِالتَّوْرَاةِ أَوْ الْإِنْجِيلِ انْعَقَدَتْ يَمِينُهُ، وَتَنْعَقِدُ الْيَمِينُ بِقَوْلِهِ: وَكِتَابِ اللَّهِ أَوْ قُرْآنِ اللَّهِ كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ الْبَغَوِيِّ وَأَقَرَّاهُ. قَالَا: وَقَالَ إبْرَاهِيمُ الْمَرْوَزِيُّ: وَكَذَا لَوْ قَالَ: وَالْقُرْآنِ أَوْ الْمُثْبَتِ فِي الْمُصْحَفِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْقُرْآنِ الْخُطْبَةَ أَوْ الصَّلَاةَ، وَبِقَوْلِهِ: وَالْمُصْحَفِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْوَرَقَ أَوْ الْجِلْدَ.
فَائِدَةٌ: قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: يَقْتَضِي كَلَامُ الْمَحَامِلِيِّ وَالْمَاوَرْدِيِّ وَابْنِ الصَّبَّاغِ وَالرُّويَانِيِّ أَنَّ الْحَلِفَ بِالطَّالِبِ الْغَالِبِ يَمِينٌ صَرِيحَةٌ؛ لِأَنَّ فِيهَا تَنْبِيهًا عَلَى اسْتِجْلَابِ. مَنَافِعِهِ وَاسْتِدْفَاعِ مَضَارِّهِ، قَالَ: وَسَمَاعِي مِنْ أَقْضَى الْقُضَاةِ الْجَمَّالِ يَحْيَى بْنِ الْحُسَيْنِ خَلِيفَةِ الْحَكَمِ الْعَزِيزِ بِمِصْرَ أَنَّ الْحَلِفَ بِذَلِكَ لَا يُشْرَعُ، وَكَانَ يَذْكُرُ أَنَّهُ نَقَلَهُ عَنْ أَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ، وَيُوَجِّهُهُ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَإِنْ كَانَ طَالِبًا غَالِبًا فَأَسْمَاؤُهُ تَعَالَى تَوْقِيفِيَّةٌ، وَلَمْ تَرِدْ تَسْمِيَتُهُ بِذَلِكَ اهـ.
قَالَ الدَّمِيرِيُّ: كَانَ الْجَمَالُ يَحْيَى مِنْ صُدُورِ الشَّافِعِيَّةِ نَائِبًا عَنْ قَاضِي الْقُضَاةِ ابْنِ رَزِينٍ، قَالَ لَهُ يَوْمًا قَاضِي الْقُضَاةِ: لَوْ أَرَدْتُ عَزَلْتُكَ قَالَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ. قَالَ: وَلِمَ؟ قَالَ: كُنَّا يَوْمًا عِنْدَ الْفَقِيهِ أَبِي طَاهِرٍ فَحَصَلَتْ لَهُ حَالَةٌ. فَقَالَ مَنْ لَهُ حَاجَةٌ يَذْكُرُهَا. فَقُلْت أَنَا أُرِيدُ أَنْ أَكُونَ نَائِبَ حُكْمٍ وَلَا يَعْزِلَنِي أَحَدٌ. فَقَالَ لَك ذَلِكَ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَمَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الْحُكَّامِ مِنْ تَغْلِيظِ الْأَيْمَانِ وَتَوْكِيدِهَا إذَا حَلَّفُوا الرَّجُلَ أَنْ يَقُولُوا: بِاَللَّهِ الطَّالِبِ الْغَالِبِ الْمُدْرِكِ الْمُهْلِكِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُطْلَقَ فِي حَقِّهِ تَعَالَى ذَلِكَ، وَلَوْ جَازَ أَنْ يُعَدَّ ذَلِكَ فِي أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ لَجَازَ فِي أَسْمَائِهِ الْمُخْزِي وَالْمُضِلُّ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: {وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ} [التوبة: 2] وَقَالَ: {كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ} [المدثر: 31] .
(وَحُرُوفُ الْقَسَمِ) ثَلَاثَةٌ (بَاءٌ) مُوَحَّدَةٌ (وَوَاوٌ، وَتَاءٌ) فَوْقَانِيَّةٌ لِاشْتِهَارِهَا فِيهِ شَرْعًا وَعُرْفًا (كَ بِاَللَّهِ، وَوَاللَّهِ وَتَاللَّهِ) لَأَفْعَلَنَّ كَذَا، وَزَادَ الْمَحَامِلِيُّ وَالشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ عَلَى الثَّلَاثَةِ الْأَلِفَ نَحْوَ اللَّهِ بَدَلَ الْهَمْزَةِ، وَسَيَأْتِي كِنَايَةً، وَالْأَصْلُ الْبَاءُ الْمُوَحَّدَةُ، ثُمَّ الْوَاوُ ثُمَّ التَّاءُ الْفَوْقِيَّةُ كَمَا ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ كَذَلِكَ لِإِبْدَالِ التَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ مِنْ الْوَاوِ وَالْوَاوِ مِنْ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ، وَلِدُخُولِهَا عَلَى الْمُضْمَرِ كَالْمُظْهَرِ تَقُولُ: حَلَفْتُ بِكَ، وَبِهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا، وَالْوَاوُ تَخْتَصُّ بِالْمُظْهَرِ (وَتَخْتَصُّ التَّاءُ) الْفَوْقِيَّةُ (بِاَللَّهِ تَعَالَى) ؛ لِأَنَّ الْبَاءَ لَمَّا كَانَتْ الْأَصْلُ فِي الْقَسَمِ، وَالْوَاوُ بَدَلٌ مِنْهَا، وَالتَّاءُ بَدَلٌ مِنْ الْوَاوِ ضَاقَ تَصَرُّفُهَا عَنْ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ مِنْهُ، فَلَمْ تَدْخُلْ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا يَدْخُلَانِ عَلَيْهِ سِوَى اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى. قَالَ تَعَالَى: {تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ} [يوسف: 85] قَالَ ابْنُ الْخَشَّابِ: إنَّ التَّاءَ وَإِنْ ضَاقَ تَصَرُّفُهَا فَلَمْ تَدْخُلْ إلَّا