وَقَضَاءُ قَاضِيهِمْ فِيمَا يُقْبَلُ قَضَاءُ قَاضِينَا إلَّا أَنْ يَسْتَحِلَّ دِمَاءَنَا، وَيَنْفُذُ كِتَابُهُ بِالْحُكْمِ وَيُحْكَمُ بِكِتَابِهِ بِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ فِي الْأَصَحِّ.

وَلَوْ أَقَامُوا حَدًّا وَأَخَذُوا زَكَاةً وَخَرَاجًا وَجِزْيَةً وَفَرَّقُوا سَهْمَ الْمُرْتَزِقَةِ عَلَى جُنْدِهِمْ صَحَّ،

ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَّا أَنْ يَكُونُوا مِمَّنْ يَشْهَدُونَ لَمُوَافِقِيهِمْ بِتَصْدِيقِهِ كَالْخَطَّابِيَّةِ، وَهُمْ صِنْفٌ مِنْ الرَّافِضَةِ يَشْهَدُونَ بِالزُّورِ وَيَقْضُونَ بِهِ لِمُوَافِقِيهِمْ بِتَصْدِيقِهِمْ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَلَا يَنْفُذُ حُكْمُ قَاضِيهِمْ، وَلَا يَخْتَصُّ هَذَا بِالْبُغَاةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ، وَسَيَأْتِي فِيهَا أَنَّهُمْ إنْ بَيَّنُوا السَّبَبَ أَنَّ شَهَادَتَهُمْ تُقْبَلُ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ حِينَئِذٍ (وَ) يُقْبَلُ (قَضَاءُ قَاضِيهِمْ) بَعْدَ اعْتِبَارِ صِفَاتِ الْقَاضِي فِيهِ (فِيمَا يُقْبَلُ) فِيهِ (قَضَاءُ قَاضِينَا) لِأَنَّ لَهُمْ تَأْوِيلًا يَسُوغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ (إلَّا أَنْ يَسْتَحِلَّ) شَاهِدُ الْبُغَاةِ أَوْ قَاضِيهِمْ (دِمَاءَنَا) وَأَمْوَالَنَا فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَلَا قَضَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَدْلٍ، وَشَرْطُ الشَّاهِدِ وَالْقَاضِي الْعَدَالَةُ.

تَنْبِيهٌ: مَا جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ شَهَادَتِهِ وَنُفُوذِ قَضَائِهِ إذَا اسْتَحَلَّ دِمَاءَنَا وَأَمْوَالَنَا، وَمَا نَقَلَاهُ فِي الرَّوْضَة وَأَصْلِهَا هُنَا عَنْ الْمُعْتَبِرِينَ مِنْ أَصْحَابِنَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ بِلَا تَأْوِيلٍ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ مِنْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي قَبُولِ شَهَادَةِ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَقَضَاءِ قَاضِيهِمْ بَيْنَ مَنْ يَسْتَحِلُّ الدَّمَ وَالْمَالَ أَمْ لَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا اسْتَحَلُّوهُ بِتَأْوِيلٍ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ كَمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُ الشَّارِحِينَ، وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَنْ يَكُونَ سَائِرُ الْأَسْبَابِ الْمُوجِبَةِ لِلْفِسْقِ فِي مَعْنَى اسْتِحْلَالِ الدَّمِ وَالْمَالِ، وَلَوْ شَكَكْنَا فِي الِاسْتِحْلَالِ حَيْثُ قُلْنَا: لَا تَصِحُّ الشَّهَادَةُ وَلَا يَنْفُذُ الْقَضَاءُ: فَقَوْلَانِ، حَكَاهُمَا ابْنُ كَجٍّ. وَقَالَ اخْتِيَارُ الشَّافِعِيِّ: - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَدَمُ قَبُولِ الْحُكْمِ، وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي الشَّهَادَةِ، وَخَرَجَ بِمَا يَنْفُذُ فِيهِ قَضَاءُ قَاضِينَا غَيْرُهُ كَأَنْ حَكَمَ بِمَا يُخَالِفُ نَصًّا أَوْ إجْمَاعًا أَوْ قِيَاسًا جَلِيًّا، فَلَا يُقْبَلُ (وَيُنَفِّذُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَتَشْدِيدِ الْفَاءِ قَاضِينَا (كِتَابَهُ) أَيْ قَاضِي الْبُغَاةِ (بِالْحُكْمِ) فَإِذَا كَتَبَ بِمَا حَكَمَ بِهِ إلَى قَاضِينَا جَازَ لَهُ قَبُولُهُ وَتَنْفِيذُهُ، وَلَكِنْ يُسَنُّ لَهُ عَدَمُ تَنْفِيذِهِ اسْتِخْفَافًا بِهِمْ (وَيَحْكُمُ بِكِتَابِهِ بِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ) أَيْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ (فِي الْأَصَحِّ) كَتَقْيِيدِ كِتَابِهِ بِالْحُكْمِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنَّهُ لَا يَحْكُمُ بِهِ لِمَا مَرَّ. وَالثَّانِي لَا يَحْكُمُ بِهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَعُونَةَ أَهْلِ الْبَغْيِ وَإِقَامَةِ مَنَاصِبِهِمْ.

تَنْبِيهٌ: تَبِعَ الْمُحَرَّرُ فِي حِكَايَةِ الْخِلَافِ وَجْهَيْنِ، لَكِنَّهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا جَعَلَهُ قَوْلَيْنِ، وَطَرَدَهُمَا الْإِمَامُ فِي الْكِتَابِ بِالْحُكْمِ.

(وَلَوْ) اسْتَوْلَى الْبُغَاةُ عَلَى بَلَدٍ وَ (أَقَامُوا) أَيْ وُلَاةُ أُمُورِهِمْ (حَدًّا) عَلَى مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ (وَأَخَذُوا زَكَاةً) مِنْ أَهْلِهَا (وَخَرَاجًا) مِنْ أَرْضٍ خَرَاجِيَّةٍ (وَجِزْيَةً) مِنْ أَهْلِ ذِمَّةٍ (وَفَرَّقُوا سَهْمَ الْمُرْتَزِقَةِ) مِنْ الْفَيْءِ (عَلَى جُنْدِهِمْ صَحَّ) مَا فَعَلُوهُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي اسْتَوْلَوْا عَلَيْهِ تَأَسِّيًا بِعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَلِأَنَّ فِي إعَادَةِ الْمُطَالَبَةِ إضْرَارًا بِأَهْلِ الْبَلَدِ، أَمَّا إذَا أَقَامَ الْحَدَّ غَيْرُ وُلَاتِهِمْ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِهِ، وَمَحَلُّ الِاعْتِدَادِ بِهِ فِي الزَّكَاةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015