فَإِنْ وَجَبَ فَهُوَ قِيمَةُ الْمَوْهُوبِ فِي الْأَصَحِّ.
فَإِنْ لَمْ يُثِبْهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ، وَلَوْ وَهَبَ بِشَرْطِ ثَوَابٍ مَعْلُومٍ فَالْأَظْهَرُ صِحَّةُ الْعَقْدِ، وَيَكُونُ بَيْعًا عَلَى الصَّحِيحِ، أَوْ مَجْهُولٍ فَالْمَذْهَبُ بُطْلَانُهُ.
وَلَوْ بَعَثَ هَدِيَّةً فِي ظَرْفٍ فَإِنْ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِرَدِّهِ كَقَوْصَرَّةِ تَمْرٍ فَهُوَ هَدِيَّةٌ أَيْضًا، وَإِلَّا
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْبَنْدَنِيجِيِّ.
وَأَمَّا الصَّدَقَةُ فَثَوَابُهَا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَجِبُ الْعِوَضُ فِيهَا مُطْلَقًا. قَالَ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ: وَنُقِلَ عَنْ تَصْرِيحِ الْبَغَوِيِّ وَغَيْرِهِ (فَإِنْ وَجَبَ) فِي الْهِبَةِ مُطْلَقًا ثَوَابٌ عَلَى الْمَرْجُوحِ وَهُوَ مُقَابِلُ الْأَظْهَرِ (فَهُوَ قِيمَةُ الْمَوْهُوبِ) أَيْ قَدْرُهَا (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ إذَا اقْتَضَى الْعِوَضَ وَلَمْ يُسَمَّ فِيهِ شَيْءٌ تَجِبُ فِيهِ الْقِيمَةُ، وَعَلَى هَذَا، فَالْأَصَحُّ اعْتِبَارُ قِيمَةِ وَقْتِ الْقَبْضِ لَا وَقْتِ الثَّوَابِ، وَالثَّانِي: يَلْزَمُهُ مَا يُعَدُّ ثَوَابًا لِمِثْلِهِ عَادَةً.
(فَإِنْ لَمْ يُثِبْهُ) هُوَ وَلَا غَيْرُهُ (فَلَهُ) أَيْ الْوَاهِبِ (الرُّجُوعُ) فِي الْمَوْهُوبِ إنْ بَقِيَ، وَبِبَدَلِهِ إنْ تَلِفَ، وَلَوْ أَهْدَى شَخْصٌ لِآخَرَ عَلَى أَنْ يَقْضِيَ لَهُ حَاجَةً أَوْ يَخْدُمَهُ فَلَمْ يَفْعَلْ وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّهَا إنْ بَقِيَتْ وَبَدَلُهَا إنْ تَلِفَتْ كَمَا قَالَهُ الْإِصْطَخْرِيُّ (وَلَوْ وَهَبَ) شَخْصًا شَيْئًا (بِشَرْطِ ثَوَابٍ مَعْلُومٍ) عَلَيْهِ، كَوَهَبْتُكَ هَذَا عَلَى أَنْ تُثِيبَنِي كَذَا (فَالْأَظْهَرُ صِحَّةُ) هَذَا (الْعَقْدِ) نَظَرًا لِلْمَعْنَى فَإِنَّهُ مُعَاوَضَةٌ بِمَالٍ مَعْلُومٍ فَصَحَّ كَمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك. وَالثَّانِي: بُطْلَانُهُ نَظَرًا إلَى اللَّفْظِ لِتَنَاقُضِهِ، فَإِنَّ لَفْظَ الْهِبَةِ يَقْتَضِي التَّبَرُّعَ (وَيَكُونُ بَيْعًا عَلَى الصَّحِيحِ) نَظَرًا إلَى الْمَعْنَى، فَعَلَى هَذَا تَثْبُتُ فِيهِ أَحْكَامُ الْبَيْعِ مِنْ الشُّفْعَةِ وَالْخِيَارَيْنِ وَغَيْرِهِمَا. قَالَ فِي التَّنْقِيحِ بِلَا خِلَافٍ: وَغَلَطَ الْغَزَالِيُّ فِي إشَارَتِهِ إلَى خِلَافٍ فِيهِ اهـ.
وَمَا صَحَّحَاهُ فِي بَابِ الْخِيَارِ مِنْ أَنَّهُ لَا خِيَارَ فِي الْهِبَةِ ذَاتِ الثَّوَابِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ بِبَيْعٍ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ هُنَاكَ. وَالثَّانِي: يَكُونُ هِبَةً نَظَرًا إلَى اللَّفْظِ فَلَا يَلْزَمُ قَبْلَ الْقَبْضِ (أَوْ) بِشَرْطِ ثَوَابٍ (مَجْهُولٍ) كَوَهَبْتُكَ هَذَا الْعَبْدَ بِثَوْبٍ (فَالْمَذْهَبُ بُطْلَانُهُ) أَيْ الْعَقْدِ لِتَعَذُّرِ صِحَّتِهِ بَيْعًا لِجَهَالَةِ الْعِوَضِ وَلِتَعَذُّرِ صِحَّتِهِ هِبَةً لِذِكْرِ الثَّوَابِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَا تَقْتَضِيه، وَقِيلَ: يَصِحُّ هِبَةً بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَقْتَضِيهِ.
تَنْبِيهٌ لَوْ قَالَ الْمُتَّهَبُ لِلْوَاهِبِ: وَهَبْتَنِي بِلَا ثَوَابٍ، وَقَالَ الْوَاهِبُ: بَلْ بِثَوَابٍ صُدِّقَ الْمُتَّهَبُ؛ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ مَلَكَهُ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ ذِكْرِ الْبَدَلِ.
(وَلَوْ بَعَثَ) شَخْصٌ لِآخَرَ (هَدِيَّةً فِي ظَرْفٍ) وَهُوَ الْوِعَاءُ (فَإِنْ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِرَدِّهِ كَقَوْصَرَّةِ تَمْرٍ) وَهِيَ بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ عَلَى الْأَفْصَحِ: وِعَاءُ التَّمْرِ، وَلَا تُسَمَّى بِذَلِكَ إلَّا وَفِيهَا التَّمْرُ وَإِلَّا فَهِيَ زِنْبِيلٌ (فَهُوَ) أَيْ الظَّرْفُ (هَدِيَّةٌ أَيْضًا) تَحْكِيمًا لِلْعُرْفِ الْمُطَّرِدِ، وَمِثْلُهُ عُلَبُ الْحَلْوَاءِ وَالْفَاكِهَةِ وَنَحْوِهِمَا (وَإِلَّا) بِأَنْ