وَلَا رُجُوعَ لِغَيْرِ الْأُصُولِ فِي هِبَةٍ مُقَيَّدَةٍ بِنَفْيِ الثَّوَابِ.
وَمَتَى وَهَبَ مُطْلَقًا فَلَا ثَوَابَ إنْ وَهَبَ لِدُونِهِ، وَكَذَا لِأَعْلَى مِنْهُ فِي الْأَظْهَرِ، وَلِنَظِيرِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQفُرُوعٌ أَحَدُهَا: لَوْ بَاعَ الْوَلَدُ الْعَيْنَ الْمَوْهُوبَةَ مِنْ أَبِيهِ ثُمَّ ادَّعَى الْأَبُ أَنَّهُ رَجَعَ فِيهَا قَبْلَ الْبَيْعِ لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ
ثَانِيهَا: لَوْ جَهَّزَ شَخْصٌ ابْنَتَهُ بِأَمْتِعَةٍ لَمْ تَمْلِكْهَا إلَّا بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ إنْ كَانَتْ بَالِغَةً، وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهَا، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى أَمْتِعَةَ بَيْتِهَا لَمْ تَمْلِكْهَا بِذَلِكَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً وَاشْتَرَى بِنِيَّتِهَا فَتَمْلِكُ بِذَلِكَ، ثُمَّ إنْ أَنْقَدَ الثَّمَنَ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ رَجَعَ وَإِلَّا فَلَا.
ثَالِثُهَا: لَوْ كَانَ فِي يَدِ الْوَالِدِ عَيْنٌ وَأَقَرَّ بِأَنَّهَا فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ، وَهِيَ مِلْكُ وَلَدِهِ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الْمُقِرَّ بِهِ كَانَ هِبَةً مِنْهُ وَأَنَّهُ رَجَعَ فِيهِ وَكَذَّبَهُ الْوَلَدُ صُدِّقَ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ وَلَا رُجُوعَ لِلْأَبِ، وَالْمُعْتَمَدُ مَا أَفْتَى بِهِ الْقُضَاةُ الثَّلَاثَةُ أَبُو الطَّيِّبِ، وَالْمَاوَرْدِيُّ، وَالْهَرَوِيُّ مِنْ أَنَّ الْأَبَ هُوَ الْمُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ، وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ.
رَابِعُهَا: لَوْ تَصَدَّقَ عَلَى غَيْرِهِ بِثَوْبٍ فَظَنَّ أَنَّهُ أَوْدَعَهُ أَوْ أَعَارَهُ لَهُ مَلَكَهُ اعْتِبَارًا بِنِيَّةِ الدَّافِعِ، فَلَوْ رَدَّهُ عَلَيْهِ الْمَدْفُوعُ لَهُ لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَخْذُهُ لِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهُ.
(وَلَا رُجُوعَ لِغَيْرِ الْأُصُولِ فِي هِبَةٍ مُقَيَّدَةٍ بِنَفْيِ الثَّوَابِ) أَيْ الْعِوَضِ لِلْحَدِيثِ الْمَارِّ؛ وَلِأَنَّهُ بَذَلَ مَالَهُ مَجَّانًا كَالْمُتَصَدِّقِ.
تَنْبِيهٌ أَفْهَمَ كَلَامُهُ صِحَّةَ الْهِبَةِ إذَا قُيِّدَتْ بِنَفْيِ الثَّوَابِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُ فَلَهُ إسْقَاطُهُ.
(وَمَتَى وَهَبَ) شَيْئًا (مُطْلَقًا) عَنْ تَقْيِيدِهِ بِثَوَابٍ وَعَدَمِهِ (فَلَا ثَوَابَ) أَيْ لَا عِوَضَ (إنْ وَهَبَ لِدُونِهِ) فِي الْمَرْتَبَةِ، كَالْمَلِكِ لِرَعِيَّتِهِ، وَالْأُسْتَاذِ لِغُلَامِهِ، إذْ لَا تَقْتَضِيه لَفْظًا وَلَا عَادَةً.
تَنْبِيهٌ أَلْحَقَ الْمَاوَرْدِيُّ بِذَلِكَ سَبْعَةَ أَنْوَاعٍ: هِبَةَ الْأَهْلِ وَالْأَقَارِبِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ الصِّلَةُ، وَهِبَةَ الْعَدُوِّ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ التَّالِفُ، وَهِبَةَ الْغَنِيِّ لِلْفَقِيرِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ نَفْعُهُ، وَالْهِبَةَ لِلْعُلَمَاءِ وَالزُّهَّادِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ الْقُرْبَةُ وَالتَّبَرُّكُ، وَهِبَةَ الْمُكَلَّفِ لِغَيْرِهِ لِعَدَمِ صِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ مِنْهُ، وَالْهِبَةَ لِلْأَصْدِقَاءِ وَالْإِخْوَانِ لِأَنَّ الْقَصْدَ تَأَكُّدُ الْمَوَدَّةِ، وَالْهِبَةَ لِمَنْ أَعَانَ بِجَاهِهِ أَوْ مَالِهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مُكَافَأَتُهُ، وَزَادَ الدَّارِمِيُّ هَدِيَّةَ الْمُتَعَلِّمِ لِمُعَلِّمِهِ، وَهُوَ دَاخِلٌ فِي عُمُومِ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيُّ (وَكَذَا) إنْ وَهَبَ مُطْلَقًا الدُّونَ (لِأَعْلَى مِنْهُ) كَهِبَةِ الْغُلَامِ لِأُسْتَاذِهِ، فَلَا ثَوَابَ (فِي الْأَظْهَرِ) كَمَا لَوْ أَعَارَهُ دَارًا لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إلْحَاقًا لِلْأَعْيَانِ بِالْمَنَافِعِ. وَالثَّانِي يَجِبُ الثَّوَابُ لِاطِّرَادِ الْعَادَةُ بِذَلِكَ (وَ) كَذَا إنْ وَهَبَ مُطْلَقًا (لِنَظِيرِهِ) فَلَا ثَوَابَ أَيْضًا (عَلَى الْمَذْهَبِ) الْمَقْطُوعِ بِهِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ مِثْلِهِ: الصِّلَةُ وَتَأَكُّدُ الصَّدَاقَةِ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ السَّابِقَيْنِ، وَالْهَدَايَا فِي ذَلِكَ كَالْهِبَةِ كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ تَفَقُّهًا، وَنَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ تَصْرِيحِ