المؤَقِّت: ولا بدَّ من معرفته علم الميقات، فليحقِّق فنَّ الهيئة، وجِهة القبلة على الخصوص. وقد كثرَ في هذه الطائفة المنجّمون والكهَّان نعوذ باللَّهِ منهم؛ قال النَّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من أتى عرَّافًا فسأله عن شيء فصدَّقه لم تقبل له صلاة أربعين يومًا" أخرجه مسلم؛ وقال النَّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من اقتبسَ علمًا من النجوم اقتبس شُعْبة من السحر زاد ما زاد" رواه أبو داود بإسناد صحيح. وقد أشارَ النَّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بذلك إلى أن النجوم فنّ من السحر. ونحن نرى أن نتكلّم على حقيقة السحر، والكهانة، والنجوم، والسيمياء مختصرًا، فالكلُّ من وادٍ واحد، ويطلق على جميعها اسم السحر، فنقول:
حاصل معنى السحر في اللغة يرجع إلى معنى الإزالة وصرف الشيء عن وجهه بطريق خفيّ. ويطلق في عرف المتكلمين على أمور:
أحدها: السعي بين الناس بالنميمية.
وثانيها: تعلّق القلب كما يقول بعض المتَنَبِّلين لمن في عقله خفة: إنه يعرف الاسم الأعظم أو الجنّ تطيعه، فينفعل له ضعيف العقل، وربَّما أدَّاه انفعاله إلى مرض أو نحوه، أو مطاوعة ذلك المتنبِّل فيما يقصده.
وثالثها: الاستعانة بخواصّ الأدوية والمفردات؛ كاجتذاب المغناطيس للحديد ونحو ذلك، فيعتقد الرائي أن ذلك بفعل الساحر؛ فقد حُكي أن كنيسة ببلاد الروم عُمِل في جدرانها الأربعة وسقفها وأرضها ستَّةُ حجارة من المغناطيس متساوية في القدر، وجُعل في هوائها صليب من حديد بمقدار ما يتساوى فيه جذب تلك الحجارة الستَّة: بحيث لا يغلب حجر منها بقيتها فى الجذب، فلزم من ذلك وقوفُ الصليب في الهواء دائمًا من غير آلة تُمْسكه ظاهرًا، فافتَتَن به قوم من النصارى.
ورابعها: الأعمال العجيبة التي تظهر من تركيب الآلات على النِّسب الهندسية تارة، وعلى ضرورة الخلاء أخرى، كدوران الساعات وجرّ الأثقال ولها أسباب يقينية من اطَّلع عليها قدر على عمل مثلها.