وأمَّا قارئ الكرسيّ فيجلس على كرسيّ في جامع أو مسجد أو مدرسة أو خانقاه ولا يقرأ إلَّا من كتاب.
وينبغي له أيضًا مثل ما ينبغي للقاصّ: من قراءة ما تفهمه العامَّة، ولا يُخشى عليها منه. ولا بأس بقراءة إحياء علوم الدين للغزالي، وكتاب رياض الصالحين، والأذكار للنوويّ، وكتاب سلاح المؤمن في الأدعية لابن الإِمام. وكتاب شفاء السّقام، في زيارة خير الأنام، للشيخ الإمام الوالد. وكُتُبُ ابن الجوزيّ في الوعظ لا بأس بها. ولا يخفى ما يحذر منه هؤلاء من كتب أصول الديانات ونحوها.
الإمام: ومن حقِّه النصح للمؤتمِّين: بأن يُخلِص في صلاته، ويجأر في دعائِه، ويضرَع في ابتهاله، ويحسن طهارته وقراءته، ويحضر إلى المسجد أوَّل الوقت؛ فإن اجتمعَ الناس بادرَ بالصلاة، وإلَّا انتظر الجمعَ ما لم يُفحِش الانتظار. وبالجملة ينبغي أن يأتي بصلاته على أكملِ ما يطيقه من الأحوال. وممَّا تعمُّ به البلوى إمام مسجد يستنيب في الإِمامة بلا عذر. وقد أفتى الشيخ عزّ الدين بأنه لا يستحق معلومًا؛ لأنه لم يباشر، ولا يستحقُّ نائبه؛ لأنه غير متولٍّ، ووافقه النوويّ رحمه اللَّه، لكن توقف فيه الوالد رحمه اللَّه كما ذكر في باب المساقاة من شرح المنهاج.
أمَّا جمع المرء بين إمامة مسجدين فالذي أراه أنه لا يجوز، لأنه مطالب في كل واحد منهما بأن يصلّي أوَّل الوقت، وتقديمه أحد المسجدين على الآخر تحكّم، ولا ضرورة إلى ذلك. وذلك كتولّيه تدريسين بشرط حضور كل منهما في وقت معيَّن يلزم من حضوره في هذا إهمال ذلك فلا يجوز أيضًا.
المؤذِّن: عليه معرفة الوقت، وإبلاغ الصوت. ويؤذِّن للصبح من نصف الليل وعند دخول الوقت. ولذلك يسنّ للصُّبح مؤذِّنان.