وخامسها: التخييلات والأخذ بالعيون، وهي الشعبذة المخيّلة لسرعة فعل صانعها برؤية الشيء على خلاف ما هو عليه.
وسادسها: الاستعانة بالجِنّ على ما يريده بالرُقى والعزائم والتسخيرات.
وسابعها: سِحْر أصحاب الأوهام والنفوس القوية التي إذا تجرَّدت وتوجَّهت نحو شيء أثرت فيه. وأقرب شاهد له في الشريعة الإِصابة بالعين. وقد أثبته النَّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وقال: إنَّه حق، وثبت عن جماعة أنهم يقتلون النفس بالهمّة.
وثامنها: الاستعانة على ذلك بالكواكب والتأثيرات التي يُحدثها اللَّه تعالى عندها، وهو سحر الصابئة الذين بعث اللَّه إليهم إبراهيم عليه السلام مبطلًا لمقالتهم ورادًّا عليهم.
وتاسعها: السيمياء، وهو أن يُركِّب الساحر شيئًا من خواص أرضية أو صنعة كأدهان خاصة أو مائعات خاصة، أو كلمات خاصة، توجب تخييلات خاصة وإدراك الحواس مأكولًا أو مشروبًا، ونحو ذلك. ولا حقيقة له؛ كما حَكَى الأوزاعي رحمه اللَّه عن اليهوديّ الذي لحقه في السفر، وأنه أخذ ضِفْدِعًا فسحرها حتى صارت خنزيرًا، فباعه من قوم من النصارى؛ فلمَّا صاروا به إلى بيوتهم عادَ ضفدعًا، فلحقوا اليهودي وهو مع الأوزاعي؛ فلمَّا قربوا منه رأوا رأسه قد سقط، ففزعوا وولّوا هاربين؛ وبقي الرأس يقول للأوزاعي: يا أبا عمر هل غابوا؟ إلى أن بعدوا عنه، فصارَ الرأس في الجسد فهذه الأمور كلها باطلة عندنا. وأحقَّها باسم النجوم استخدام الكواكب، ولا يسمَّى ذلك سحرًا بالحقيقة، وإنَّما يسمَّى تنجيمًا، ويسمَّى صاحبه منجِّمًا وفيه. يقول أبو فِرَاس بن حَمْدان:
دع النجوم لعراف يعيش بها ... وانهض بعزمٍ قوي أيُّها الملك
إنّ النَّبيّ وأصحابَ النَّبيّ نهوْا ... عنِ النجوم وقد أبصرت ما مَلكوا
وقال أبو تمَّام في المعتصمية:
أين الراوية أم أين النجوم وما ... صاغوه من زخرف فيها ومن كذب