وذا الحاجة. ولا يأتي بألفاظ قلقة يصعب فهمها على غير الخاصَّة، بل يذكر الواضح من الألفاظ. ولا يتكلَّف السجع إلى غير ذلك ممَّا ذكره الفقهاء.
الواعظ: وعليه نحو ما على الخطيب. فليذكِّر بأيَّام اللَّه، وليُخِف القوم في اللَّه تعالى، وينبئهم بأخبار السلف الصالحين، وما كانوا عليه. وأهمُّ ما ينبغي له وللخطيب أن يتلو على نفسه قوله تعالى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ} (?) ويتذكَّر قول الشاعر:
لا تنهَ عن خُلُق وتأتي مثله ... عارٌ عليك إذا فعلت عظيمُ
واعلم أنَّ الكلام إذا لم يخرج من القلب لم يصل إلى القلب؛ فكل خطيب وواعظ لا يكون عليه سِيما الصلاح قلّ أن ينفع اللَّه به.
القاصّ: وهو من يجلس في الطُرُقات يذكر شيئًا من الآيات، والأحاديث، وأخبار السلف.
وينبغي له ألَّا يذكر إلَّا ما يفهمه العامَّة، ويشتركون فيه: من الترغيب في الصلاة، والصوم، وإخراج الزكاة والصدقة، ونحو ذلك، ولا يذكر عليهم شيئًا من أصول الدين، وفنون العقائد وأحاديث الصفات؛ فإن ذلك يجرّهم إلى ما لا ينبغي.
قارئ الكرسيّ: وهو من يجلس على كرسيّ يقرأ على العامَّة شيئًا من الرقائق، والحديث، والتفسير؛ فيشترك هو والقاصّ في ذلك، ويفترشان في أنَّ القاص يقرأ من صدره وحفظه، ويقف، وربَّما جلس ولكن جلوسه ووقوفه في الطرقات.