الأرض بملئها ذهبًا. وإن قيلَ لك: قد يكون توقفك تركًا للحكم الواجب، فقل: إنَّما يكون واجبًا إذا ظهر، وعند الشك لا، وإذا دارَ الأمر بين الترك مع الشك والإقدام مع الشك، كان الترك أسهل، لأنه أخفّ وأقلّ جرأة فهذا الذي تيسَّر ذكره ممَّا أوصيتك به أيُّها القاضي.
كاتب القاضي: ومن حقِّه أن يعرف مدلولات الألفاظ العرفية واللغوية. وأن يكون حسن الفهم عن اللّافظين من عوامّ الواقفين والمقِرِّين وغيرهم، وأن ينبِّه كل لافظ على ما لعلَّه يشك في إرادته له. ولقد ضاعَ كثير من أوقاتنا في مدلولات ألفاظ الواقفين ضياعًا منشؤه الشروطيون. وقد كثُر من الشروطيين أن يكتبوا في بيع القرية مثلًا: خلا ما فيها من مسجد للَّهِ تعالى ومقبرة وملك لأربابه، ووقف؛ يذكرون ذلك بعد تحديد القرية، ولا يحددون هذا المستثنى، فيورث ذلك الجهل بالمبيع. قال الشيخ الإِمام: إن كانت تلك المواضع معروفة للمتعاقدين صحَّ البيع؛ وإلَّا فيحتمل أن يفسد؛ لأنَّ جهالتها تقتضي جهالة الباقي المعقود عليه. ويحتمل أن يقال: الجملة معلومة ولا يضرّ جهالة القدْر المستثنى: قال: ولم أرَ فيه نقلًا. واما كتابة الشروطيين الصداق في الحرير فمختلف في جوازه. وأفتى النوويّ رحمه اللَّه تعالى بتحريمه وعزاه إلى جماعات من أصحابنا؛ ولكن الأظهر حلُّه؛ لأنه لمصلحة النساء. وقد كان الشيخ الإمام أوّلًا امتنع من كتابة الصداق على الحرير، ثم رأيته يكتب عليه. وهذا آخر الأمرين منه. والتردّد في المسألة شبيه باختلاف الأصحاب في ألواح الصبيان (?).