وانتصروا. وأنت ففكر واحسب تقديرًا: كم على وجه الأرض من طراز ومِنْطقة وحلي حرام؟ وكم يكون مبلغه إذا اجتمعَ وضربَ نقدًا يتعامل به المسلمون؟ قال لي مرة بعض الأمراء وقد حكيت له كثرة ما كان عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنهُ يقطعه للأجناد وكذلك من بعده من خلفاء الصحابة رضي اللَّه عنهم، وخلفاء بني أمية، وما كان عدد عساكرهم التي تضيق الأرض دونها. فقال: إذا كان عسكرهم هذا القدر العظيم، وإقطاعاتهم هذه الإِقطاعات، فمن أين كانوا يجدون المال الذي يكفيهم؟ والبلاد البلاد ما تغيَّرت. فقلت: من هذه الأطرزة والحلي المحرَّم والخيول المسومة. قال: كيف؟ قلت: ما كانوا يعملون هذا الحلي ولا يشترون الفرس بمائة ألف درهم والمملوك بخمسين ألفًا، ولا ينتهون في الخيلاء إلى معشار ما انتهيتم إليه فقال: صدقت. ولقد سمعت أنَّ واحدًا منهم خرج مرة إلى الصيد فافتضَّ هو ومماليكه من بنات البَرِّ ما يزيد على سبعين بنتًا حرامًا. فإذا فعل واحد منهم هذا الفعل، وتنوَّع في الفسق بالغلمان والخمور والبرطيل ونحو ذلك، ثم سلبه اللَّه النعمة، وسلَّط عليه أقلّ الأعداء في أيسر وقت لا يتعجَّب؛ بل يذوق بأس اللَّه إذا نزل بساحته. ومن منكراتهم ركوبهم والجنائب (?) تُقاد بين أيديهم مُسْرَجة غير مركوبة، وهم مع ذلك يجدون المحتاج ماشيًا ولا يُركبونه، وإنَّما يمشون بالجنائب للتزيُّن لا لحاجة. روى أبو داود (?) من حديث سعيد بن أبي هند عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "تكون إبل للشياطين، وييوت للشياطين". فأمَّا إبل الشياطين فقد رأيتها: يخرج أحدكم بنجيبات (?) معه قد أسمنها، فلا يعلو بعيرًا منها، ويمرُّ بأخيه قد انقطع فلا يحمله. وأمَّا بيوت الشياطين فلم أرها. قال سعيد: لا أُراها إلَّا هذه الأقفاص التي تُستر بالديباج. قلت: الأقفاص المستورة بالديباج كالمِحفَّة والمحائر (?)