حدود اللَّه تعالى وزواجره إِلَّا وكانت عاقبته وخيمة، وأيامه منغَّصة منكِّدة وعيشه قلِقًا، وتفتح عليه أبواب الشرور، ويتَّسع الخرق على الراقع، فلا يُسد ثلمة إِلَّا وتنفتح ثُلمات، ولا يرفع فتنة إِلَّا وينشأ بعدها فتن كثيرة. وعلى مثله يصدق قول الشاعر:
نرقّع دنيانا بتمزيق ديننا ... فلا ديننا يبقى ولا ما نرقع
فمن خطر له أنَّه إن لم يسفك الدماء بغير حق، ويضرب المسلمين بلا ذنب لم تصلح أيّامه فعرِّفه أنَّه جهول باغٍ أحمق حمار، دولته قريبة الزوال، ومصيبته سريعة الوقوع، وهو شقِيٌّ في الدنيا والآخرة. وإذا أخذه اللَّه لم يُفلته، قال اللَّه تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (?) أخبر عزَّ وعلا أنَّا إن لم نحكِّم هذا النَّبيّ العظيم ثم إذا حَكَمَ لم نجد في أنفسنا حرجًا وضِيقًا وقَلَقًا من حكمه بل تطمئنُّ له ونسلِّم، وننقاذ ونذعن. وإلَّا فنحنُ غير مؤمنين، فكفى بهذه الآية واعظًا وزاجرًا لمن وفَّقه اللَّه تعالى. فإن قال حمار من هؤلاء: أنا من أين أعرف هذا وأنا عامّيّ تركيّ لا أعرف كتابًا ولا سنَّة؟ قلنا له: هذا لا ينفعك عند اللَّه تعالى شيئًا؛ ألم يجعل اللَّه لك عينين، ولسانًا وشفتين، وهداكَ النجدين. إذا كنت لا تعرف فاسأل أهل الذكر؛ فإن هذا شأن من لا يعلم؛ وإلَّا فأنت تأتي يوم القيامة وغرماؤك الذين ضربتهم وعاقبتهم يجرُّونك في الحبال وأنت تسحب على وجهك، ولا ينفعك هناك شيء من هذه الأقاويل. وإن عجزت عن الفهم فما لكَ وللدخول في هذه الوظيفة؟! دعها.
إذا لم تستطع أمرًا فدعهُ ... وجاوزهُ إلى ما تستطيع
النقباء (?) في أبواب الحجاب والولاة وغيرهم: على الواحد منهم