وكذلك في الزمام كثر منهم القيادة. وذلك لما جبلت عليه الطواشية من نقصان العقول وشبههم بالنساء؛ حتى قيل: ما اختلى طواشيّ بالنساء إلَّا وحدَّث نفسه بأنه رجل، ولا بالرجال إلَّا وحدَّث نفسه بأنه امرأة. وقيل: الطواشية أشدُّ الناس غيرة وأكثرهم استحسانًا (?) وقيادة على من تحت أيديهم: من امرأة أو مملوك. وفي كتب الحنفية أنَّه يكره استخدام الخصيان مطلقًا؛ لأنه تحريض على الخصاء المنهي عنه.
الحاجب: والحجوبية (?) وظيفة قديمة كانت تُسَمَّى القيادة. وكان الحاجب يسمَّى قائد الجيش. ولم يكن في الزمان الماضي يحكم بل يَعْرِض الجيش، ويعتبر حاله، ويُنهيه إلى الأمير. والآن اصطلحت الترك على أنَّه يفضل [في] القضايا. فنقول: عليه رفع الأمور إلى الشرع، وأن يعتقد أن السياسة لا تنفع شيئًا؛ بل تضرُّ البلاد والرعايا، وتوجب الهَرْج والمَرْج. ومصلحة الخلق فيما شرعه الخالق الذي هو أعلمُ بمصالحهم، ومفاسدهم؛ وشريعة نبينا محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- متكفِّلة بجميع مصالح الخلق في معاشهم ومعادهم. ولا يأتي الفساد إلَّا من الخروج عنها، ومن لزمها صلحت أيامه، واطمأنَّت؛ ولم يقض رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نحبه حتى أكملَ اللَّه لنا ديننا. وقد اعتبرت -ولا ينبئك مثل خبير- فما وجدت، ولا رأيت، ولا سمعت بسلطان، ولا نائب سلطان، ولا أمير، ولا حاجب، ولا صاحب شُرْطَةُ يُلقي الأمور إلى الشرع إلَّا وينجو بنفسه من مصائب هذه الدنيا، وتكون مصيبته أبدًا أخفَّ من مصيبة غيره، وأيّامه أصلح، وأكثر أمنًا وطمأنينة، وأقلُّ مفاسد. وأنت إذا شئت فانظر تواريخ الملوك والأمراء العادلين، والظالمين، وانظر أيُّ الدولتين أكثرُ طمأنينة وأطولُ أيّامًا؟ وكذلك اعتبرتُ فلم أر ولم أجد من يظنُّ أنَّه يُصلح الدنيا بعقله، ويدبِّر البلاد برأيه وسياسته، ويتعدَّى