ومرشدًا إن شاء اللَّه تعالى، لعلَّ اللَّه ينفع به أقوامًا.
السلطان أعني الإِمام الأعظم. وقد أكثر الفقهاء في باب الإِمامة، وأفردَ كثيرون منهم الأحكام السلطانية بالتصنيص. ونحن ننبِّه على مهمات أهملها الملوك أو قصَّروا فيها. فمن وظائف السلطان تجنيد الجنود، وإقامة فَرْض الجهاد لإِعلاء كلمة اللَّه تعالى؛ فإن اللَّه تعالى لم يولِّه على المسلمين ليكون رئيسًا آكلًا شاربًا مستريحًا. بل لينصر الدين ويُعلِيَ الكلمة. فمن حقِّه ألَّا يدع الكفار يكفرون أنعُم اللَّه ولا يؤمنون باللَّه ولا برسوله. فإذا رأينا ملكًا تقاعد عن هذا الأمر، وأخذ يظلم المسلمين، ويأكل أموالهم بغير حق، ثم سلبه اللَّه نعمته وجاء يعتب الزمان، ويشكو الدهر، أفليس هو الظالم، وقد كان يمكنه بدل أخذ أموال المسلمين وظلمهم أن يقيم جماعة في البحر يتلصصون أهل الحرب؛ فإن كان هذا الملك شجاعًا ناهضًا فليرنا همته في أعداء اللَّه الكفار، ويجاهدهم ويتلصّصهم، ويُعمل الحيلة في أخذ أموالهم حِلًّا وبِلًّا ويدع عنه أذيّة المسلمين.
ومن وظائفه أن ينظر في الإِقطاعات، ويضعها مواضعها، ويستخدم من ينفع المسلمين، ويحمي حوزة الدين، ويكفّ أيدي المعتدين. فإن فَرَّق الإِقطاعات على مماليك اصطفاها وزيّنها بأنواع الملابس، والزراكش المحرَّمة، وافتخرَ بركوبها بين يديه، وترك الذين ينفعون الإِسلام جياعًا في بيوتهم، ثم سلبه اللَّه النعمة، وأخذ يبكي ويقول: ما بالُ نعمتي زالت، وأيامي قصرت! فيقال له: يا أحمق، أما علمت السبب! أَوَلست الجاني على نفسك!
ومن وظائفه الفكرة في العلماء والفقراء وسائر المستحقين، وتنزيلهم منازلهم، وكفايتهم من بيت المال الذي هو في يده أمانة عنده، ليس هو فيه إلَّا كواحد منهم، ولدلوه نسبة دلاء المسلمين، فإن ترك العلماء والفقراء جياعًا في بيوتهم، يبيتون ومنهم من يطوي الليلة والليلتين هو وعياله، وأخذَ يمنّ بعظيم مُلكه ومحاسن سماطه وزينته ولباسه ولباس حاشيته، فذلك أحمق جهول. وإن ضمَّ إلى هذا أنَّه استكثر على الفقهاء ما بأيديهم، وتعرَّض لأوقاف وقفها أهل