إسماعيل سيِّد المرسلين وخاتم النبيّين، فأعظم بذلك من خير كان في طيِّ تلك البلية؛ وقد قيل:

كم نعمة مطوية ... لك بين أثناء المصائب

وقال آخر:

ربَّ مبغوض كريه ... فيه للَّه لطائفه

السادسة عشرة أنَّ المصائب والشدائد تمنع من الأشَر والبطر والفخر والخيلاء والتكبُّر والتجبُّر، فإنَّ نمرود لو كان فقيرًا سقيمًا فاقد السمع والبصر لما حاجَّ إبراهيم في ربه، لكن حمله بطر الملك على ذلك، وقد علَّل اللَّه سبحانه وتعالى محاجَّته بإيتائه الملك فقال: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ} (?) ولو ابتلى فرعون بمثل ذلك لما قال أنا ربّكم الأعلى {وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ} (?) {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} (?) {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ} (?) {وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ} (?) {لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًالِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ} (?) {وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ} (?) والفقراء والضعفاء هم الأولياء وأتباع الأنبياء. ولهذه الفوائد الجليلة كان أشدَّ الناس بلاءً الأنبياء ثم الصالحون الأمثل فالأمثل؛ نسبوا إلى الجنون والسحر والكهانة، واستهزئ بهم، وسُخر منهم، فصبروا على ما كذبوا وأوذوا، وقيلَ لنا: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ} (?) {أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} (?) " {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} (?) {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015