عن جانيها {وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ} (?) {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} (?) والعفو عن أعظمها أفضل من كل عفو. الثامنة الصبر عليها. وهو موجب لمحبَّة اللَّه تعالى؛ وكثرة ثوابه {وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} (?) {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} (?) (وما أعطى أحد عطاء خيرًا وأوسع من الصبر) والتاسعة الفرح بها، لأجل فوائدها، قال عليه إلصلاة والسلام: "والَّذي نفسي بيده إن كانوا ليفرحون بالبلاء كما يفرحون بالرخاء" وقال ابن مسعود رضي اللَّه تعالى عنه حبَّذا المكروهان الموت والفقر. وإنَّما فرِحوا بها؛ إذ لا وقع لشدَّتها ومرارتها، بالنسبة إلى ثمرتها وفائدتها؛ كما يفرح من عظمت أدواؤه بشرب الأدوية الحاسمة لها، مع تجرعه لمرارتها. العاشرة الشكر عليها؛ لما تضمَّنته من فوائدها؛ كما يشكر المريض الطبيب القاطع لأطرافه، المانع من شهواته، لما يَتوقع في ذلك من البرء والشفاء. الحادية عشرة تمحيصها للذنوب والخطايا {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} (?) (ولا يصيب المؤمن وَصَب ولا نصب حتى الهم يُهمُّه والشوكةُ يُشاكها إلَّا كفَّر به من سيئاته) الثانية عشرة رحمة أهل البلاء ومساعدتهم على بلواهم؛ فالناس معافًى ومبتلى، فارحموا أهل البلاء، واشكروا اللَّه تعالى على العافية.
وإنَّما يرحم العشّاق من عشقا.
الثالثة عشرة معرفة قدر نعمة العافية والشكر عليها؛ فإنَّ النعم لا تعرف أقدارها إلَّا بعد فقدها. الرابعة عشرة ما أَعدَّه اللَّه تعالى على هذه الفوائد: من ثواب الآخرة على اختلاف مراتبها. الخامسة عشرة ما في طِّيها من الفوائد الخفية؛ {فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} (?) {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} (?) {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} (?) ولمَّا أخذ الجبار سارة من إبراهيم كان في تلك البلية أن أخدمها هاجر، فولدت إسماعيل لإبراهيم عليهما الصلاة والسلام، فكان من ذرّية