ثم قدم دمشق، سنة أربع وستين، فعرض القراءات ختمة كاملة بعشرين كتابا على الكمال بن فارس، وتفقه لمالك أولا، ثم للشافعي -رضي الله عنهما.
ورد إلى مكة، وأقرأ بها القراءات، وكان له أصحاب عدة، وحلقة كبيرة، فممن قرأ عليه بالروايات: الشيخ مجير الدين مقرئ الإسكندرية في وقتنا، وأبو محمد الزواوي نزيل مكة.
وأبو العباس أحمد بن الرضي إمام المقام، والفقيه خليل المالكي، ومحمد قطب الدين ولده، وذكر لي عنه ابن خليل، عبادة وورعا وتألها وأورادا وأحوالا واجتهادا عظيما1.
19- محمد بن أيوب بن عبد القاهر بن بركات، الإمام بدر الدين، أبو عبد الله التاذفي الحلبي المقرئ الحنفي.
ولد بقرية تاذف، سنة ثمان وعشرين وستمائة تقريبا، ولزم أبا عبد الله الفاسي مدة وأتقن عليه القراءات، وعللها، وسمع منه الكثير، ومن الصاحب كمال الدين بن العديم، ومحمد بن عبد الباقي الصفار، وجماعة.
وارتحل الى مصر بعد أخذ حلب، فأخذ الشاطبية عن المعين بن عبد الوارث صاحب الشاطبي، وتكاسل عن القراءة على الشيخ كمال الدين الضرير، ففرط، وسمع من عبد الله بن علام وغيره، وشهر بإتقان السبعة.
وأقرأ الناس دهرا، وأحكم العربية. وشارك في اللغة والحديث وغير ذلك، وشرح النونية التي للشيخ يحيى الصرصري، في سفرين، قدم دمشق بعد الثمانين، وأم بالربوة مدة، وسمع من الشيخ شمس الدين بن أبي عمر.
قرأ عليه جماعة إذ ذاك، ثم تحول إلى حماة وسكنها، وأقرأ بها ثم قدم علينا في سنة ثلاث وتسعين، فقرأ عليه غير واحد، وحضرت عنده وكتبت عنه، ولم أنشط للجمع عليه.
وكان حاذقا بالفن مليح الحل لحزر الأماني، وللعقيلة، وأقام مدة ثم انتقل إلى حماة يقرئ بها ويدرس، إلى أن توفي في رمضان سنة خمس وسبعمائة2.
20- البدوي الشيخ جمال الدين أبو إسحاق إبراهيم بن غالي بن شاور الحميري، المقرئ الشافعي نزيل دمشق.