فلهذا لم ينس الفن.
فكملت عليه الجمع الكبير، أنا وابن بصخان وابن غدير، وأفرد عليه جماعة، ولم تطل مدته، فأدركه الأجل، والشيخ شمس الدين الحنفي الزنجيلي يجمع عليه، فلم يكمل الختمة، وأصيب به، كما أصبت بالفاضلي.
وروى عنه الحديث ابن الخباز، والبرزالي وجماعة، وكان له شيء من الدنيا يكفيه، حصل له عسر البول أياما، ومات به، ولما أيس من نفسه، نزل لي عن حلقته، ولسليمان بن حمزة عن السبع المجاهدي، فالله يرحمه ويسامحه.
توفي في الحادي والعشرين من صفر، سنة ثلاث وتسعين وستمائة ودفناه بمقابر الصوفية، وهو والد علي بن الدمياطي، صاحب الخط المنسوب أصلحه الله1.
11- محمد بن أبي العلاء محمد بن علي بن المبارك، الإمام موفق الدين أبو عبد الله الأنصاري الرباني النصيبي المقرئ الشافعي الصوفي.
نزيل بعلبك، وشيخ الإقراء بجامعها، وشيخ الخانقاه، ولد سنة سبع عشرة وستمائة، بنصيبين، وقرأ القرآن على والده، ثم رحل إلى مصر فقرأ بها القراءات، على السديد عيسى بن أبي الحرم، صاحب الشاطبي.
وبالإسكندرية على العلامة أبي عمرو بن الحاجب، وسمع منه مقدمته في النحو، وغير ذلك، واستوطن بعلبك أربعين سنة، وكان إمام مسجد كبير بها، وكان يجلس للناس، ويورد أحاديث من حفظه، وقل من رأيت بفصاحته وعنه أخذت التجويد.
وقرأت عليه للسبعة، في نحو من خمسين يوما، في سنة ثلاث وتسعين ورحل إليه قبلي، علم الدين طلحة مقرئ حلب، فجمع عليه، وأخذ عنه القراءات جماعة من أهل بعلبك، وتخرجوا به.
وكان جيد المعرفة بالأدب، بديع النظم، عارفا بالقراءات، يحل القصيد حلا متوسطا، أنشدنا الإمام موفق الدين، محمد بن أبي العلاء لنفسه شعرا:
قرأت القرآن وأقرأته ... وما زلت مغرى به مغرما
وطفت البلاد على جمعه ... فصرت به في الورى مكرما
وألفيت إلفي بطلابه ... فيا نعم ما زادني أنعما