الشريفين، في الخامس والعشرين من ذي الحجة، سنة أربع وثمانين وستمائة، رحمه الله تعالى1.
3- حسن بن عبد الله بن ويحيان الأستاذ، أبو علي الراشدي التلمساني، المقرئ.
وهو من بني راشد، قبيلة من البربر، لا من الراشدية، التي من قرى مصر، قرأ بالروايات على الكمال بن شجاع الضرير، وجلس للإقراء مدة.
قرأ عليه شيخنا مجد الدين التونسي، والشيخ شهاب الدين أحمد بن جبارة، وكان بصيرا بالقراءات وعللها، عارفا بالعربية، صاحب عبادة وزهد وإخلاص، واشتغال بنفسه.
قال لي شيخنا مجد الدين: كان لا يغتاب أحدا، وقال الإمام أبو حيان: كان الشيخ حسن حافظا للقرآن، ذاكرا للقصيد، يشرحه لمن يقرأ عليه، ولم يكن عارفا بالأسانيد، ولا المتقن للتجويد، لأنه لم يقرأ على متقن.
وكان مع ذلك بربريا، في لسانه شيء من رطانتهم، وكان مشهورا بالقراءات، عنده نزر يسير جدا من العربية، كألفية ابن معطى، ومقدمة ابن بابشاذ، يحل ذلك لمن يقرأ عليه.
قلت: بل كان قوي المعرفة بالعربية، ويكفيه أنه يشرح ألفية ابن معط للناس ولكن شيخنا أبو حيان لا يثبت لأحد شيئا في العربية.
وينظر إلى النحاة بعين النقص، لسعة ما هو فيه من التبحر في علم اللسان، ثم قال: قد روى عن ناس متأخرين، أعلاهم الكمال الضرير، على مقال فيه، سمعت الحافظ شرف الدين الدمياطي، يذكر ذلك.
قلت: كان الشيخ حسن ثقة مأمونا في قوله، وحاشاه أن يدعي ما لم يقع، كان أتقى لله وأورع من ذلك ولصدق بينة.
قد انتهى السؤدد في الإقراء، إلى صاحبيه شيخنا المجد وابن جبارة ورأيتهما يثنيان على علمه ودينه.
قال أبو حيان: ولعمري إن بين الشيخ أبي بكر بن القاسم التونسي، وبين شيخه في الذكاء وجودة الفهم، وحسن الإدراك لبونا بعيدا، ولو عاش الراشدي لقرأ عليه.
قلت: توفي في الثامن والعشرين من صفر، سنة خمس وثمانين وستمائة2.