التكلف وحسن الأخلاق، ووفور الحرمة وظهور الجلالة، وكثرة التصانيف.
منها شرح الشاطبية في مجلدين، وشرح الرائية في مجلد، وشرح المفصل في أربعة أسفار، وجمال القراء في مجلد، ومنير الدياجي في الأحاجي مجلد، وتفسير نصف القرآن في أربعة أسفار، مات قبل كماله.
قال القاضي في "وفيات الأعيان": رأيته مرارا راكبا بهيمة إلى الجبل وحوله اثنان وثلاثة يقرءون عليه، دفعة واحدة في أماكن من القرآن مختلفة، وهو يرد على الجميع.
قلت: ما أعلم أحدا من المقرئين ترخص في إقراء اثنين فصاعدا، إلا الشيخ علم الدين، وفي النفس من صحة تحمل الرواية على هذا الفعل شيء، فإن الله تعالى ما جعل لرجل من قلبين في جوفه.
ولا ريب في أن ذلك أيضا خلاف السنة، لأن الله تعالى يقول: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: 204] .
وإذا كان هذا يقرأ في سورة، وهذا في سورة، وهذا في سورة، في آن واحد، ففيه مفاسد، أحدها زوال بهجة القرآن عند السامعين، وثانيها أن كل واحد يشوش على الآخر، مع كونه مأمورا بالإنصات.
وثالثها: أن القارئ منهم لا يجوز له أن يقول قرأت القرآن كله، على الشيخ وهو يسمع، ويعي ما أتلوه عليه، كما لا يسوغ للشيخ أن يقول لكل فرد منهم: قرأ علي فلان القرآن جميعه، وأنا أسمع قراءته وما هذا في قوة البشر.
قالت عائشة -رضي الله عنها، سبحان من وسع سمعه الأصوات، وإنما يصحح التحمل إجازة الشيخ للتلميذ، ولكن تصير الرواية بالقراءة إجازة، لا سماعا من كل وجه.
وقد كان الشيخ علم الدين، من أفراد العالم، ومن أذكياء بني آدم حلو النادرة مليح المحاورة، ومن شعره:
قالوا غدا نأتي ديار الحمى ... وينزل الركب بمغناهم
وكل من كان مطيعا لهم ... أصبح مسرورا بلقياهم
قلت فلي ذنب فما حيلتي ... بأي وجه أتلقاهم
قيل أليس العفو من شأنهم ... لا سيما عمن ترجاهم
ومن غرائب الاتفاق، أن الشيخ علم الدين، مدح السلطان صلاح الدين، ومدح الأديب رشيد الدين الفارقي، وبين وفاتي الممدوحين مائة سنة، قال شهاب الدين أبو شامة، شيخ وقته: