قال أبو سعد السمعاني: كان له ورد بين العشاءين يقرأ فيه سبعا من القرآن، قائما وقاعدا حتى طعن في السن، وكان صاحب كرامات وقال ابن نصر: كانت له كرامات.
قلت: كان إمام مسجد ابن جردة بالحريم، ثم اعتكف فيه مدة يعلم العميان، ويسأل لهم وينفق عليهم.
قال ابن النجار في تاريخه: بلغ عدد من أقرأهم أبو منصور القرآن سبعين ألفا، ثم قال: هكذا رأيته بخط أبي نصر اليونارتي الحافظ، قلت: هذا مستحيل، فلعله أراد أن يكتب سبعين نفسا فسبقه القلم، فكتب سبعين ألفا.
قال أبو منصور بن خيرون: ما رأيت مثل يوم صلي على أبي منصور الخياط، من كثرة الخلق والتبرك بالجنازة، وقال السمعاني: رأوه بعد موته فقيل له ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي بتعليمي الصبيان فاتحة الكتاب.
وقال السلفي: ذكر لي المؤتمن الساجي، في ثاني جمعة من وفاة الشيخ أبي منصور، اليوم ختموا على قبره مائتين وإحدى وعشرين ختمة.
يعني أنهم كانوا قد قرءوا الختم قبل ذلك، إلى سورة الإخلاص، فختموا هناك، ودعوا عقيب كل ختمة.
قال السلفي: وقال لي علي بن الأيسر العكبري: وكان رجلا صالحا، حضرت جنازة أبي منصور، فلم أر أكثر خلقا منها،
فاستقبلنا يهودي، فرأى كثرة الزحام والخلق، فقال: أشهد أن هذا الدين هو الحق، وأسلم.
توفي يوم الأربعاء، سادس عشر محرم سنة تسع وتسعين وأربعمائة1.
41- محمد بن عبد الله بن يحيى أبو البركات بن الوكيل الخباز الدباس، الشيرجي المقرئ البغدادي، الكرخي، كما رأيت مثله في من بقي من القراء بالعراق.
قرأ بالروايات على أبي العلاء الواسطي، والحسن بن الصقر، ومحمد بن بكير النجار، وعلي بن طلحة، وتفقه على القاضي أبي الطيب، وسمع من عبد الملك بن بشران، وعلي بن أيوب صاحب المنيني.
وكان مولده في سنة ست وأربعمائة، قرأ عليه القراءات أبو الكرم الشهرزوري، وغيره، وحدث عنه ابن ناصر والسلفي، وقرأ عليه ختمة، وأبو بكر عبد الله بن النقور.
قال ابن ناصر: كان رجلا صالحا، اتهم بالاعتزال، ولم يكن يذكره ولا يدعو إليه، وقال أبو المعمر المبارك بن أحمد: دخلت على أبي البركات الوكيل في مرضه.