فمات إمام الجامع فخرج أهل البلد إلى داريا ليأتوا به، فلبس أهل داريا السلاح، وقالوا: لا نمكنكم من أخذ إمامنا، فقال أبو محمد عبد الرحمن بن أبي نصر: يا أهل داريا، ألا ترضون أن يسمع في البلاد أن أهل دمشق احتاجوا إليكم في إمام، فقالوا: قد رضينا.
فقدمت له بغلة القاضي فأبى، وركب حماره، ودخل معهم فسكن في المنارة الشرقية، وكان يقرئ بشرقي الرواق الأوسط.
ولا يأخذ على الإمامة رزقا، ولا يقبل ممن يقرأ عليه برا. ويقتات من غلة أرض له بداريا، ويحمل ما يكفيه من الحنطة، ويخرج بنفسه إلى الطاحون فيطحنه، ثم يعجنه ويخبزه، قال الكتاني: كان ثقة.
انتهت إليه الرياسة في قراءة الشاميين، ومضى على سداد، وكان يذهب مذهب أبي الحسن الأشعري، حضرت جنازته في جمادى الأولى، سنة اثنتين وأربعمائة، قلت: مات في عشر التسعين1.
45- محمد بن جعفر بن محمد بن هارون، أبو الحسن التميمي الكوفي، المقرئ النحوي المعروف بابن النجار.
قرأ لعاصم على الحسن بن عون النقار، صاحب قاسم بن أحمد الخياط وسمع الحديث من محمد بن الحسين الأشناني، وأبي بكر بن دريد وإبراهيم نفطويه، وأبي روق الهزاني، وعمر دهرا طويلا.
وانتهى إليه علو الإسناد، قرأ عليه الحسن بن محمد بن إبراهيم، وأبو علي الهراس وغيرهما، وحدث عنه أبو القاسم عبيد الله الأزهري وجماعة، لقيهم أبو الغنائم النرسي.
وكان مولده أول سنة ثلاث وثلاثمائة، قال العتيقي: توفي في جمادى الأول، سنة اثنتين وأربعمائة بالكوفة وهو ثقة2.
46- محمد بن عبد الله بن الحسين أبو عبد الله الجعفي، الكوفي المقرئ الفقيه، الحنفي القاضي المعروف بالهرواني.
قرأ القرآن على محمد بن الحسن بن يونس النحوي صاحب جعفر بن محمد الوزان، وسمع من محمد بن القاسم المحاربي، وعلي بن محمد بن هارون قرأ عليه أبو علي غلام الهراس، والحسن بن محمد بن إبراهيم صاحب الروضة.