الألقاب بلا حساب، على أن أبا عبيد لم تكن منزلته فى نفوس أهل عصره أقل محادة من منزلة الوزراء.
ونثره جزل متين، عربىّ الديباجة، حسن الأسجاع، يشبه نثر الفتح، صاحب القلائد والمطمح، وابن بسام صاحب الذخيرة، وهو يمت بصلة قوية إلى نثر كتاب المشرق فى القرن الرابع، أمثال ابن العميد والصاحب بن عباد وطبقتهما.
ومما يدل على براعة أساليبه، مما كتبه من رقعة يهنئ بها الوزير الأجل أبا بكر بن زيدون بالوزارة:
«أسعد الله بوزارة سيدى الدنيا والدين، وأجرى لها الطير الميامين، ووصل بها التأييد والتمكين. والحمد لله على أمل بلّغه، وجذل قد سوّغه، وضمان حقّقه، ورجاء صدّقه. وله المنّة فى ظلام كان أعزه الله صبحه، ومستبهم غدا شرحه، وعطل نحر كان حليّه، ووصال دهر صار هديّه.
فقد عمر الله الوزارة باسمه ... وردّ إليها أهلها بعد إقصار»
وبعد، فأنا حقيق حين أقدم هذا السفر إلى العلماء والباحثين أن أسجّل شكرى للذين عاونونى على إخراجه، وأخص بالشكر زميلىّ الفاضلين المدرسين بكلية الآداب بجامعة فؤاد الأول: الدكتور مراد كامل، لأنه قرأ لى مقدمة العلامة وستنفلد الألمانية، والدكتور عبد الرحمن بدوى، لأنه ترجم لى تلك المقدمة وكتبها بخطه، وبعض الطلاب وخريجى كلية الآداب الذين عاونونى على مقابلة نسختى بالأصول المخطوطة. وأخيرا أقدم جزيل الشكر للجنة التأليف والترجمة والنشر على قيامها بنفقات الطبع، ومطبعة اللجنة، على ما بذلت من دقتها وعنايتها الفنية، فى إلباس الكتاب هذه الحلة الرائقة.
وكتب بالقاهرة فى شعبان سنة 1364 يوليه سنة 1945 مصطفى السّقّا