«عبد الله بن عبد العزيز بن محمد البكرى، من أهل شلطيش، سكن قرطبة، يكني أبا عبيد. روى عن أبى مروان بن حيّان، وأبى بكر المصحفى، وأبى العباس العذرى، سمع منه بالمريّة؛ وأجاز له أبو عمر بن عبد البرّ الحافظ غيرهم.
وكان من أهل اللغة والآداب الواسعة، والمعرفة بمعانى الأشعار والغريب والأنساب والأخبار، متقنا لما قيده، ضابطا لما كتبه، جميل الكتب، متهما بها، كان يمسكها فى سبائب الشرب وغيرها، إكراما لها وصيانة. وجمع كتابا فى أعلام نبوة نبينا عليه السلام، أخذه الناس عنه، إلى غير ذلك من تواليفه. وتوفى رحمه الله فى شوال سنة سبع وثمانين وأربع مئة، ودفن بمقبرة أم سلمة» .
وحلّاه الفتح ابن خاقان المتوفّى سنة 535 هـ فى القلائد بقوله:
«عالم الأوان ومصنّفه، ومقرّط البيان ومشنّفه، بتواليف كأنها الخرائد، وتصانيف أبهى من القلائد، حلّى بها من الزمان عاطلا، وأرسل بها غمام الإحسان هاطلا، ووضعها فى فنون مختلفة وأنواع، وأقطعها ما شاء من إتقان وإبداع. وأما الآدب فهو كان منتهاه، ومحل سهاه، وقطب مداره، وفلك تمامه وإبداره. وكان كل ملك من ملوك الأندلس يتهاداه، تهادىّ المقل للكرى، والآذان للبشرى.... إلى آخر ما قاله» .
ومن قول ابن بسّام الشّنترينى (المتوفى سنة 542) فى الذخيرة يصف المؤلف:
ومنهم الوزير أبو عبيد البكرى، وكان بأفقنا آخر علماء الجزيرة بالزمان، وأولهم بالبراعة والإحسان، أبرعهم فى العلوم طلقا، وأنصعهم فى المنظور والمنثور أنقا، كأنّ العرب استخلفته على لسانها، والأيام ولّته زمام حدثانها، ولولا تأخر ولادته، لأنسى ذكر كنّيه المتقدم الأوان: ذرب لسان، وبراعة إتقان...... إلى آخر ما قال» .
كان أبو عبيد البكرى كاتبا، ولعله قد كتب عن محمد بن معن الصمادحىّ صاحب المريّة، الذي اصطفاه وقربه، ورفع مرتبته، ووسع راتبه، ولذلك كان يلقب بالوزير جرى بذلك قلم ابن بسام فى الذخيرة، بل لقبه الضّبىّ فى البغية بذى الوزارتين، وقال الصفدىّ فى الوافى: إنه كان أميرا بساحل كورة ليلة، وصاحب جزيرة شلطيش.
وفى رأيى أنه لقّب بالوزير لأنه وزر لأبيه، أو لمصاحبته الملوك، وإن لم يكن وزيرا على الحقيقة، على ما جرى به العرف الأندلسى. والناس كانوا ولا يزالون يتوسعون فى