وقال ابن الطوير: إذا مضى النصف من جمادى الآخرة وكان عدده عندهم تسعة وعشرين يوما, أمر أن يسبك في خزائن دار افتكين ستون شمعة وزن كل شمعة منها سدس قنطار بالمصري وحُملت إلى دار قاضي القضاة لركوب ليلة مستهل رجب. فإذا كان بعد صلاة العصر من ذلك اليوم اهتم الشهود أيضا, فمنهم من يركب بثلاث شمعات إلى ثنتين إلى واحدة. ويمضي أهل مصر منهم إلى القاهرة فيصلون المغرب في الجوامع والمساجد, ثم ينتظرون ركوب القاضي فيركب من داره بهيئته وأمامه الشمع المحمول إليه موقودا مع المندوبين لذلك من الفراشين من الطبقة السفلى من كل جانب ثلاثون شمعة, وبينهما المؤذنون بالجوامع يذكرون الله تعالى, ويدعون للخليفة والوزير بترتيب مقدر محفوظ, ويندب في حجبته ثلاثة من نواب الباب وعشرة من الحجاب خارجا عن حجاب الحكم المستقرين, وعدتهم خمسة في زي الأمراء, وفي ركابه القراء يطرّبون بالقراءة, والشهود وراءه على الترتيب في جلوسهم بمجلس الحكم الأقدم فالأقدم, وحوالي كل واحد ماله من شمع. فيشقون من أول شارع فيه دار القاضي إلى بين القصرين, وقد اجتمع من العالم في وقت جوازهم ما لا يحصى كثرة رجالا ونساء وصبيانا بحيث لا يُعرف الرئيس من المرءوس, وهو مارّ إلى أن يأتي هو والشهود باب الزمرد من أبواب القصر في الرحبة الوسيعة تحت المنظرة العالية في السعة العظيمة من الرحبة المذكورة, وهي التي تقابل درب قراصيا. فيحضر صاحب الباب ووالي القاهرة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015