وَلِيَ أَخُوهُ الضِّرْغَامُ الْوِزَارَةَ وَهُوَ وَالِي الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ مَا الْخُلَفَاءُ عِنْدِي سِوَى الْعُلَمَاءِ وَذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الْأُمَرَاءِ فَتَدَارَكْتُ الْأَمْرَ وَقُلْتُ مَا أَبْعَدَ الْأَمِيرُ وَفَّقَهُ اللَّهُ فَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ اللَّهُمَّ ارْحَمْ خُلَفَائِي قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ خُلَفَاؤُكَ قَالَ قَوْمٌ يَأْتُونَ مِنْ بَعْدِي يَرْوُونَ أَحَادِيثِي وَسُنَّتِي وَيُعَلِّمُونَهَا النَّاسَ لَكِن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا تُوُفِّيَ وَرَّثَ الْعِلْمَ وَالسَّيْفَ فَالْعِلْمُ لِلْعُلَمَاءِ يَقُولُونَ مَا أَمَرَ بِهِ الشَّارِعُ وَالسَّيْفُ لِلْأُمَرَاءِ وَجُيُوشِ الْإِسْلَامِ يَأْتَمِرُونَ ذَلِكَ لَكِنْ بَيْنَ مَنْ يَقُولُ افْعَلْ وَبَيْنَ مَنْ يَفْعَلُ بَوْنٌ بَعِيدٌ وَفَرْقٌ ظَاهِرٌ وَنَحْنُ الْآنَ وَأَنْتُمْ وَإِنِ اخْتَلَفْنَا فِي الزِّيِّ فَوَارِثَانِ لِإِرْثِ النُّبُوَّةِ وَكَجِسْمٍ وَاحِدٍ
فَاسْتَحْسَنُوا هَذَا وَأَثْنَوْا بِخَيْرٍ وَأَرْضَيْتُهُمْ بِهَذَا الْفَصْلِ خَوْفًا مِنَ التَّشَعْيُثِ
1455 - أَنْشَدَنِي أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عِيسَى بْنِ مُحَمَّدٍ الْيَحْصُبِيُّ الْقُرْطُبِيُّ بِمِصْرَ قَالَ أَنْشَدَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ سِرَاجُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سِرَاجٍ الْوَزِيرُ اللُّغَوِيُّ الْعَلَّامَةُ بِقُرْطُبَةَ لِنَفْسِهِ
(لَمَّا تَبَوَّأَ مِنْ فُؤَادِي مَنْزِلًا ... وَغَدَا يُسَلِّطُ مُقْلَتَيْهِ عَلَيْهِ)
(نَادَيْتُهُ مُسْتَرْحِمًا مِنْ زَفْرَةٍ ... أَفْضَتْ بِأَسْرَارِ الضَّمِيرِ إِلَيْهِ)
(رِفْقًا بِمَنْزِلِكَ الَّذِي تَحْتَلُّهُ ... يَا من يخرب بَيته بيدَيْهِ) // الْكَامِل //
1456 - أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عِيسَى هَذَا مِنْ وُجُوهِ أَهْلِ الْأَنْدَلُسِ وَمِنْ بَيْتٍ كَبِيرٍ مَشْهُورٍ بِالرِّئَاسَةِ وَجَدُّهُ كَانَ صَاحِبَ الْأَحْكَامِ بِقُرْطُبَةَ وَأَجْدَادُهُ كَانُوا رُؤَسَاءَ نُبَهَاءَ لَا فُقَهَاءَ وَهُوَ كَانَ نَبِيهًا فَقِيهًا وَقَدْ سَمِعَ عَلَيَّ لَمَّا قَدِمَ مِصْرَ لِلْحَجِّ كَثِيرًا وَقَبْلَ ذَلِكَ عَلَى أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ عَتَّابٍ وَصِهْرِهِ أَبِي الْحُسَيْنِ بْنِ سِرَاجٍ الْعَلَّامَةِ وَغَيْرِهِمَا بِقُرْطُبَةَ وَتَوَجَّهَ إِلَى الْحِجَازِ وَجَاوَرَ بِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ مُدَّةً إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ رَحِمَهُ اللَّهُ هُنَاكَ وَيُعْرَفُ بِالْحَفِيدِ وَكَانَ قَدْ تَرَكَ الدُّنْيَا عَنْ قُدْرَةٍ
1457 - قَالَ لِي أَبُو بَكْرٍ يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ غَزَوَانَ الْقَيْسِيُّ الْقُرْطُبِيُّ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ مَا كُنَّا نَظُنُّ أَنَّ أَحَدًا يَتْرُكُ مَا تَرَكَ الْحَفِيدُ مِنَ الدُّنْيَا وَيَخْتَارُ الْآخِرَةَ عَلَيْهِ