صار بين أيديهما ذليلا حقيرا. ثم جرى من المصادرات على أهله وحاشيته ما لم يجر على أحد. وله [1] :
لقد واظبت نفسي على الحبّ والهوى ... بجارية ترعى الهوى وتواظب
صفا لي منها الودّ والشيب شامل ... كما كان يصفو والشباب مصاحب
وله:
إني ليعصمني هواك عن الهوى ... حتى كأنّ علي منك رقيبا
وأجول في غمرات حبّك جاهدا ... طورا فيحسبني الجليس رهيبا
ما إن هممت بشمّ نحرك ساعة ... إلا ملأت من الدموع جيوبا
قال أبو حيان، قال ابن أبي طرخان: دخلت إلى المهلبيّ في أيام نكبته، فرأيته يذمّ صنائعه ومن قدّمه في أيامه وأولاهم الجميل، وقال: ما علمت أن الدهر بهذه الأفعال يعامل الأحرار، وإلا كنت أحسنت لنفسي الاختيار، وبكى وقال:
لئن قعدت بي قلة المال قعدة ... فما أنا عن كسب المعالي بقاعد
وما أنا بالساعي إلى الجهل والخنا ... ولا عن مكافاة الصديق براقد
أكافي أخي بالودّ أضعاف وده ... وأبذل للمولى طريفي وتالدي
وما صاحبي عند الرخاء بصاحب ... إذا لم يكن عند الأمور الشدائد
فقلت له: أدام الله حراسة الوزير كفكف عبرتك، وهوّن على نفسك، فمذ كانت الدنيا كانت غدّارة مكارة، تقصد الأحرار بالمكاره، وتلقى أهل المروات بالنوائب، وترميهم بالأوابد، وأكثر من ترى من هذا الوري فهم عبيد الطمع وأسراء الجشع، يخونون الاخوان ويميلون مع الرجحان، فدمعت عيناه وأنشد:
الناس أتباع من دامت له النعم ... والويل للمرء ان زلّت به القدم
مالي رأيت أخلائي وحاصلهم ... اثنان مستكبر عنّي ومحتشم
لما رأيت الذي يجفون قلت لهم ... أذنبت ذنبا؟ فقالوا ذنبك العدم