هذه، قال: فما هو؟ قال: كنت أيام قطع الطريق قد اجتزت في المحجة الفلانية في الجبل الفلاني، وأنا وحدي في طلب من آخذ ثيابه، فاستقبلني رجل وحده، فاعترضته وصحت عليه فاستسلم إليّ ووقف، فأخذت ما كان معه، وطالبته أن يتعرّى ففعل، ومضى لينصرف فخفت أن يلقاه في الطريق من يستفزّه عليّ، فأطلب وأنا وحدي فأوخذ، فقبضت عليه وعلوته بالسيف لأقتله، فقال: يا هذا أي شيء بيني وبينك؟ أخذت ثيابي ولا فائدة لك في قتلي، فكتفته ولم ألتفت إلى قوله، وأقبلت أقنّعه بالسيف، فالتفت كأنه يطلب شيئا، فرأى حجلة قائمة على الجبل، فصاح يا حجلة اشهدي لي عند الله تعالى أني أقتل مظلوما، فما زلت أضربه حتى قتلته، وسرت فما ذكرت هذا الحديث حتى رأيت هذه الحجلة فذكرت حماقة هذا الرجل فضحكت، فانقلبت عينا الراسبيّ في رأسه حردا وقال: لا جرم والله أن شهادة الحجلة عليك لا تضيع اليوم في الدنيا قبل الآخرة، وما أمنتك إلا على ما كان منك من إفساد السبيل، فأما الدماء فمعاذ الله أن أسقطها عنك يا ابن الفاعلة بالأمان، وقد أجرى الله على لسانك الاقرار عندي، يا غلمان اضربوا عنقه، قال: فبادر الغلمان إليه بسيوفهم يخبطونه حتى تدحرج رأسه بين أيديهم على المائدة وجرّت جثته، ومضى الراسبي حتى أتمّ غداءه.

قال أبو علي [1] : حضرت أبا محمد في وزارته وقد دفع إليه شاعر رقعة صغيرة فقرأها وضحك، وأمر له بألف درهم، وطرح الرقعة فقرأتها وإذا فيها:

يا من إليه النفع والضرّ ... قد مسّ حال عبيدك الضرّ

لا تتركنّ الدهر يظلمني ... ما دام يقبل قولك الدهر

قال إبراهيم بن هلال الصابىء: كان أبو محمد يخاطب بالاستاذية.

قال أبو علي: كنت في سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة ببغداد، فحضر أول يوم من شهر رمضان فاصطحبت أنا وأبو الفتح عبد الواحد بن أبي علي الحسين بن هارون الكاتب [2] إلى دار أبي الغنائم الفضل بن الوزير أبي محمد المهلبي لتهنئته بالشهر،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015