وحدث محمد بن يزيد المبرد: [قال] قال الجماز لأبي العالية: كيف أصبحت؟ قال: أصبحت على غير ما يحبّ الله وغير ما أحبّ أنا وغير ما يحبّ إبليس، لأن الله عز وجل يحبّ أن أطيعه ولا أعصيه ولست كذلك، وابليس يحبّ أن أعصي الله عز وجل وأطيعه ولست كذلك، وأنا أحب أن أكون على غاية الجدة والثروة ولست كذلك.

وأنشد المبرد لأبي العالية:

أذمّ بغداد والمقام بها ... من بعد ما خبرة وتجريب

ما عند سكّانها لمختبط ... رفد ولا فرجة لمكروب

قوم مواعيدهم مطرّزة ... بزخرف القول والأكاذيب

خلّوا سبيل العلا لغيرهم ... ونازعوا في الفسوق والحوب

يحتاج راجي النوال عندهم ... إلى ثلاث بغير تكذيب

كنوز قارون أن تكون له ... وعمر نوح وصبر أيوب

- 344-

الحسن بن محمد المهلبي الوزير:

هو أبو محمد الحسن بن محمد بن هارون بن إبراهيم بن عبد الله بن يزيد بن حاتم بن قبيصة بن المهلب بن أبي صفرة، وزير معزّ الدولة أبي الحسين ابن أحمد بن بويه، ومات وهو على الوزارة في سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة.

وكان المهلبيّ من ارتفاع القدر واتساع الصّدر ونبل الهمّة وفيض الكفّ على ما هو مذكور مشهور، وأيامه معروفة في وزارته لمعزّ الدولة وتدبيره أمور العراق، مع أنه [كان] غاية في الأدب والمحبة لأهله والإقبال عليهم والاحسان إليهم، وكان يترسّل ترسلا بليغا ويقول الشعر قولا لطيفا يضرب بحسنه المثل، كما قال بعض أهل العصر:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015