- 339-

الحسن بن علي بن غسان

أبو عمرو ويعرف بالشاكر [1] [البصري] : كان من أكبر أهل البصرة فضلا، وأوفرهم حجى وعقلا، له في جميع العلوم اليد البيضاء والهمة العلياء، وكان يغشى مجلسه رؤساء أهل البصرة وفضلاؤها وعلماؤها يقرأون عليه الحديث والفقه وعلوم القرآن وكتب الأدب. وكان حسن الهيئة، نظيف الثوب، مليح الخطّ، ظريف الشكل، حسن الخلق، أبيّ النفس، متين الدين، كثير الورع. وكان شافعيّ المذهب، وله عدة مصنّفات في عدّة فنون، وله شعر في فنون مختلفة وغير ذلك من الأدعية والخطب ما ليس لغيره من أبناء عصره وأهل زمانه.

وكان يبذل جهده في تأديب ولد اسمه عبد الرحمن ويحسن تربيته، فأبى الله إلا أن ينشأ على أقبح صفة، واشتغل في حياة أبيه مع الكناسين ومن أشبههم. وبالغ أبوه في استنقاذه من ذلك فلم يصل إلى مقصوده، ومات أبوه وهو على تلك الحال.

فمن كلامه في مخاطبة ولده هذا: أما بعد فإن العلم أفضل ما التمس، وأنفع ما اقتبس، به يحاز الجمال والأجر، وهو الغاية في الشرف والفخر:

إذا ما فاخر المثرون يوما ... بما حازوه من مال ووفر

فخرت عليهم بالعلم إني ... وجدت العلم غاية كلّ فخر

وقال أيضا: أما بعد فإن الأدب قوام اللسان وقيمة الانسان، صاحبه محبّب مكرّم، جليل في العيون مفخم، إن قال أصغى إليه الأقوام، وإن صال صال بنطق كالحسام:

لساني أمضى من سنا السيف مرهفا ... وأبعد في الأغراض من ظبة السهم

به أتّقي قذع الغواة وأرتقي ... بسلطانه يوم الفخار إلى النجم

أما بعد فإن الأدب ملبس جميل، ومفخر جليل، يعلو بصاحبه إلى أشرف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015