وشتمي، وينسبني إلى الإغارة على كتبه، ويبالغ في هتك أستار الكرم وحجبه. أهذا يليق بالفضل والمروّة؟ أو يجمل بالكرم والفتوة أن يفتري على أخيه المسلم، بمثل هذا الكذب المقلق والبهتان المؤلم؟ والله إذا نفخ في الصور يوم النشور، وبعثت هذه الرمم البالية، من الأجداث متدرعة ملابس الحياة الثانية، وجمعت عباد الله في مواقف العرصات، وتطايرت صحائف الأعمال إلى أربابها، وسئلت كلّ نفس عما كسبت، فمن مسيء يسحب على وجهه إلى النار، ومن محسن يحمل على أعطاف الملائكة إلى الجنة، لم يتعلق في ذلك المقام الهائل أحد بذيلي طالبا مني ملكا غصبته، ولا مالا نهبته، أو دما سفكته، أو سترا هتكته، أو شخصا قتلته، أو حقا أبطلته. وها أنا ذا قد آتاني الله من الوجه الحلال قريبا من ألف مجلد من الكتب النفيسة، والدفاتر الفائقة والنسخ الشريفة، وقد وقفت الكلّ [1] على خزائن الكتب المبنية في بلاد الاسلام- عمرها الله- لينتفع المسلمون بها، ومن كانت عقيدته هكذا كيف يستجيز من نفسه أن يغير على كتب إمام من شيوخ العلم، أنفق جميع عمره حتى حصّل أوراقا [2] يسيرة لو بيعت في الأسواق لما أحضر بثمنها مائدة لئيم؟! الله الله لا يفترينّ سيدنا- أدام الله فضله- فافتراء الكذب على مثلي ذنب [3] يتعثر في أذياله يوم القيامة، وليخافنّ الله [4] الذي لا إله إلا هو، وليتذكرن يوما يثاب الصادق فيه على صدقه، ويعاقب الكاذب على كذبه، والسلام.
فورد على الرشيد جواب عن هذه الرسالة يكون في نحو كراستين يغلظ له في القول، ويصرّح فيه بالسبّ والتهمة، فكتب إليه الرشيد [5] : بسم الله الرحمن الرحيم، ورد كتاب سيدنا- أطال الله بقاءه في دولة مفترّة المباسم، ونعمة متجددة المراسم- مشتملا من الإيذاء والإيحاش، والإبذاء والإفحاش [6] ، على كلمات، بل