الله بقاءه مبسوط اليد في عباد الله بالفرض، مقرضا له عناء همه فيهم أحسن القرض، منجزا لهم ما وعد: وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ
(الرعد: 17) - عند الخادم، ومثله كالبيت من القريض قبل القافية، والمريض الذي مطلته الأيام بالعافية، فلا يكمل ذلك ولا يروق، ولا يتطرّب به المشوق، ولا يترنّم به الكئيب، ولا يتسلّى به الغريب، دون تمامه، وتكافي أجزاء نظامه، وعبقه بمسك ختامه، ولا يحسّ هذا بلذة على الحقيقة، وإن شرفت، حتى تجد روحه روح الشفاء فيدرك مزيتها بطرق الصحة ومروءتها بحاسة سمعها، وتساعفه الأقدار بتكميلها لك وجمعها:
وما أسفي إلّا عليها فإنني ... بقرطاسها لا بالدنانير أكلف
فجد لي بما أهواه منها فإنني ... سألحف في استيهابها وأكلّف
وما هذه الأهواء إلا غرائز ... قبيح لدى نقادها المتكلف
وإن كان الخادم عن حال من شرّف بهذا من أفناء الناس، ولم يكمل بعدته الاستئناس، فليس له أن يكون معترضا، ولا أن يتلقى ذلك بغير التسليم والرضى، فإن الخدمة السامية هي التي تبين لديها الأقدار، وبأفعالها تترتب المنازل وتتفاوت الأخطار.
- 338-
أبو علي المروزي:
أصله من بخارى، وولد بمرو سنة خمس وستين وأربعمائة. ومات مقتولا، قتله الغز لما وردوا خراسان وتغلّبوا على مرو، فقبضوا عليه في من قبضوا، فجعل يشتمهم وجعلوا يحثون التراب في فمه، حتى مات سنة ثمان وأربعين وخمسمائة.