البيان، فلكم استفاءت حجته إلى أمر الله من الطوائف والفرق، وكم فضّ كتابه من كتائب الضلال وفرق.

ثم ذكر وصف بلاغته بما أطال فيه ووصف البحر الذي ركبه حتى خلص إلى مصر ثم قال: وقد أرسل هذه الخدمة مستخرجة للإذن في الحضور والتشرف بميمون اللقاء، وإن زاحم به أوقات الطاعات ومواقيت الأذكار، وشغل على اختصاره عن شيء من المهام والأوطار، فللمتوكل لنفسه أن يدّعي أنّ في ذلك ضربا من ضروب البرّ، فإنه قد أصبح ولله الحمد في هذا الطرف لقاطنيه وطارقيه كالأب البرّ. والمنشود من الأريحية الكريمة إكرام مثوى خدمته وتلقّيها بما يزيل عنها انقباض الغريب ووحشته، وحيرة القادم ودهشته، فعنده حياء طبيعيّ لعلة متجاوزة للقدر المحدود.

غذيت به طفلا فإن رمت غيره ... عصاني وأغرتني به ألفة المهد

وكتب إليه بعد الحضور عنده رقعة منها: وحضر الشيخ النفيس وصحبته ما قابل كريم الاهتمام الذي صدر عنه من الأدعية والأثنية بما لا يزال يواليه ويرفعه ويهديه، ولقد أخجله أن يرى نفسه في صورة مثقّل، أو يرى بعين غير موحّد في دين هواه متنقّل. ومقترحه أن يخصّ من حسن الرأي العالي بشعار يبهج ولا ينهج، ويشرع له سبيلا في الفخر وينهج، وأن يشير بأسطر بالخط الكريم تفوق المال، وتبقي الجمال، فأبقى السمات ما خطّته يمينه، وأثبت الصفات ما دلّ عليه تزيينه، وأزكى الشهادات ما تطوّع به كرمه، وأعطر رياض الحمد ما أنبته ديمه. وقد حصل الخادم بين نزاع يحضّه على حضور الخدمة وينشطه، وخوف إبرام يقبضه ويثبّطه؛ وقد ترجم عن حاله هذه بأبيات الشاعر أبي عبد الله وهي:

حالة قد حصلت أخبط [1] منها ... حول دار الأستاذ في عشواء

إن تأخّرت أو تقدّمت فيها ... ساء ظنّي في الموضعين برائي

لست أدري من الضلال أقدّا ... مي خير في ذاك أم من ورائي

أوثر الخدمة التي تثبت [2] اسمي ... عندكم في جريدة الأولياء

ثم أخشى من أن [3] أعدّ إذا ... جئت من المبرمين والثقلاء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015