والكمية والذاتية والعرضية والجوهرية والهيولية والصورية والأيسية والليسيّة «1» والنفسية، ثم تنمطون وتقولون: جئنا بالسحر في قولنا لا (أ) في شيء من (ب) و (ج) في بعض (ب) فلا (أ) في بعض (ج) و (أ) لا في كل (ب) ، و (ج) في بعض (ب) فاذن: لا (أ) في كل (ج) «2» . هذا بطريق الخلف «3» ، وهذا بطريق الاختصاص، وهذه كلها جزافات وترّهات ومغالق وشبكات «4» ، ومن جاد عقله وحسن تمييزه ولطف نظره وثقب رأيه وأنارت نفسه استغنى عن هذا كلّه، بعون الله وفضله، وجودة العقل وحسن التمييز ولطف النظر وثقوب الرأي وإنارة النفس من منائح الله الهنية ومواهبه السنية يختص بها من يشاء من عباده، وما أعرف لاستطالتكم بالمنطق وجها، وهذا الناشىء أبو العباس قد نقض عليكم وتتبّع طريقكم وبيّن خطأكم وأبرز ضعفكم، ولم تقدروا إلى اليوم أن تردوا عليه كلمة واحدة مما قال، وما زدتم على قولكم: لم يعرف أغراضنا ولا وقف على مرادنا وإنما تكلم على وهم. وهذا منكم لجاجة «5» ونكول، ورضى بالعجز والكلول، وكل ما ذكرتم في الموجودات فعليكم فيه اعتراض: هذا قولكم في فعل «6» وينفعل لم تستوضحوا فيهما مراتبهما ومواقعهما، ولم تقفوا على مقاسمهما، لأنكم قنعتم فيهما بوقوع الفعل من يفعل وقبول الفعل من ينفعل، ومن وراء ذلك غايات خفيت عليكم ومعارف ذهبت عنكم، وهذا حالكم في الإضافة، فأما البدل ووجوهه والمعرفة وأقسامها والنكرة ومراتبها وغير ذلك مما يطول ذكره فليس لكم فيه مقال ولا مجال.
وأنت إذا قلت لإنسان كن منطقيا فإنما تريد: كن عقليا أو عاقلا أو اعقل ما تقول لأنّ أصحابك يزعمون أن المنطق هو العقل، وهذا قول مدخول لأن المنطق على وجوه أنتم منها في سهو. وإذا قال لك آخر: كن نحويا لغويا فصيحا فإنما يريد: افهم عن نفسك ما تقول ثم رم أن يفهم عنك غيرك وقدّر اللفظ على المعنى فلا يفضل عنه،