ثم قال لأبي سعيد: خفف عليك «1» أيها الشيخ وادفع الكتاب إلى أبي عبد الله تلميذك ليجيب عنه، فخجل من هذا القول، فلما ابتدأت الجواب من غير نسخة تحيّر مني أبو سعيد ثم قال للصيمري: أيها الأستاذ ليس بمستنكر ما كان مني ولا بمستكثر «2» ما كان منه، إن مال الفيء «3» لا يصحّ في بيت المال إلا بين مستخرج وجهبذ، والكتّاب جهابذة الكلام، والعلماء مستخرجوه، فتبسم الصيمري وأعجبه ما سمع وقال: على كلّ حال ما أخليتنا من فائدة. وكان أبو سعيد بعيد القرين لأنّه كان يقرأ عليه القرآن والتفسير والفقه والفرائض والشروط والنحو واللغة والعروض والقوافي والحساب والهندسة والشعر والحديث والأخبار، وهو في كل هذا إما في الغاية وإما في الوسط.

وأما علي بن عيسى فعليّ الرتبة «4» في النحو واللغة والكلام والعروض والمنطق، وعيب به لأنه «5» لم يسلك طريق واضع المنطق بل أفرد صناعة وأظهر براعة، وقد عمل في القرآن كتابا نفيسا، هذا مع الدين الثخين والعقل الرزين «6» .

وأما ابن المراغي فلا يلحق بهؤلاء، مع براعة اللفظ وسعة الحفظ، وقوة النفس، [وبلل الريق] «7» وغزارة النفث، وكثرة الرواية «8» ، ومن نظر له في «كتاب البهجة» عرف ما أقول واعتقد فوق ما وصفت «9» .

وأما المرزباني وابن شاذان والقرميسيني وابن الخلال «10» وابن حيويه فلهم رواية وجمع «11» ، ليس لهم في شيء من ذلك نقط ولا إعجام، ولا إسراج ولا إلجام.

وحدثني الشيخ الامام علم الدين القاسم بن أحمد الأندلسي شيخنا قال:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015