قال أبو زياد الكلابي: ومثل من أمثال العرب «إنك لا تشكو إلى مصمت» «1» والتصميت أن تقول المرأة إذا بكى صبيها الرضيع، وهي مشغولة عنه لبعض صبيانها أو لزوجها، صمّت هذا الصبيّ، فيأتيه فيحتضنه «2» بيده حتى يسكت.
قال، وحدثني قال: دخلت إلى مجلس الشيخ الموفق أبي الحجاج يوسف المعروف بابن الخلال كاتب الانشاء في أيام المصريين، وكان الموفق قد عمل معمّى في المرآة نثرا، فقال لمن بحضرته: ما تقولون في قولي: شيء شديد الباس، يغيره الضعيف الأنفاس، وذكر كلاما بعده، فاستدللت بهذه الفاتحة على أنه المرآة، لأن الشديد الباس هو الحديد، ويغير صقالها النفس، فقلت له ذلك، فاستحسن حدة خاطري.
أنشدني مولانا القاضي الإمام جمال الدين أبو الحجاج يوسف ابن القاضي الأكرم علم الدين أبي طاهر إسماعيل بن عبد الجبار بن أبي الحجاج قال: أنشدني أبو العباس أحمد بن محمد الآبي ممتدحا لي، وكتبته أنا من خطه بيده:
يا خير من فاق الأفاضل سؤددا ... وامتاز خيما «3» في الفخار ومحتدا
وسما لأعلام المعالي فاحتوى ... فضلا به يهدى وفضلا يجتدى
وإذا الرياسة لم تزن بمعارف ... وعوارف يسدى بها كانت سدى
لا تنس من لم ينس ذكرك أحمدا ... وافى جنابكم الكريم فأحمدا
يهدي إلى الأسماع من أوصافكم ... ملحا كزهر الروض باكره الندى
مستحسنات كلّما كررتها ... لم تسأم الأسماع منها موردا
والفضل فيه لكم ومنكم إنما ... يعزى المضاعف في الجميل لمن بدا
كالزّهر تسقي الزّهر صيّب أفقها ... فيعود منه نشره متصعّدا
جاد الغمام على الكمام بمائه ... عذبا فنضّر ما حوته ونضدا