لا يكون إلا على باب ملك، ورأى له من الدور والبساتين ما لا يحصى «1» ، كان تاج الدين يجمع العلم والغنى، إذ كان في بعض مراحل حياته بدمشق وزيرا أو بمنزلة وزير ولذلك قال فيه ابن النجار: كان بهيا، وقورا أشبه بالوزراء من العلماء «2» .
بعد دمشق يتوجه ياقوت إلى حلب فيصلها في جمادى الآخرة من سنة 613، ولا ندري في أي سفراته إلى حلب (607، 611، 613) كان ينزل مدرسة الزجاجية (أو لعلّه فعل ذلك في حال استقراره النهائي فيها) ففي تلك المدرسة كان يقطن المعيد الفقيه أبو الحسن علي بن محمد الأرجيشي، وكان رجلا قانعا باليسير من الرزق، فإذا زاده أهل البلد شيئا لم يقبله ويقول: في الواصل إليّ كفاية، وكان مقدار ما يصل إليه اثني عشر درهما «3» . وفي حلب لقي سديد بن سعيد بن صالح الجبراني، وهو نحوي مقرىء كانت له حلقة في جامع حلب يقرىء بها العلم والقرآن، وسأله ياقوت عن مولده فأخبره «4» .
ويزور حاضر حلب، ويدق الباب على القاسم بن القاسم الواسطي «5» ، فيخرج إليه الواسطي ويملي عليه عند باب داره أسماء تصانيفه الكثيرة، ويغادر حاضر حلب إلى الموصل فيلقى ياقوت بن عبد الله الرومي الأصل، وكان يومئذ قد بلغ من الكبر غاية، ويرى كتبا بخطه يتداولها الناس منها الصحاح والمقامات «6» ، ويجتمع هنالك أيضا بابن الدهان البغدادي «7» ، ويذكر القفطي أنه دخل اربل بعد الموصل ولكنه لم يحاول أن يدخل بغداد لأن خصمه في دمشق كان بغداديا «8» ، ولكن دخوله اربل هذه المرة موضع شك لأن شرف الدين المستوفي لا يذكر شيئا من ذلك.
وفي شوال من العام نفسه (613) وصل خوار من أعمال الريّ فوجدها قد غلب