ثم أخذ بعده عن أبي محمد ابن الخشاب، وسمع الحديث على القاضي أبي جعفر عبد الواحد بن أحمد بن الثقفي، وأصله ومولده من مطيراباذ، وصحب ابن هبيرة الوزير، وله رسائل مدونة عملها أجوبة لرسائل أبي محمد القاسم بن الحريري.
حدثني أبو علي القيلوي قال: أنا رأيته، ومات في سنة تسع وسبعين وخمسمائة وقد نيف على الثمانين.
أنشدني ابن الدبيثي قال، أنشدني أبو الثناء محمود بن عبد الله بن المفرج الحلي قال، أنشدني شرف الكتاب أبو الفرج محمد بن أحمد بن جيا لنفسه:
حتام أجري في ميادين الهوى ... لا سابق أبدا ولا مسبوق
ما هزّني طرب إلى أرض الحمى ... الا تعرّض أجرع وعقيق
شوق بأطراف البلاد مفرّق ... يحوي شتيت الشمل منه فريق
ومدامع كفلت بعارض مزنة ... لمعت لها بين الضلوع بروق
فكأن جفني بالدموع موكّل ... وكأن قلبي للجوى مخلوق
قدم الزمان فصار شوقي عادة ... فليتركنّ دلاله المعشوق
قد كان في الهجران ما يزع الهوى ... لو يستفيق من الغرام مشوق
لكنني آبى لعهدي أن يرى ... بعد الصفاء وورده مطروق
إن عادت الأيام لي بطويلع ... أو ضمني والنازحين طريق
لأنبّهنّ على الغرام بزفرتي ... ولتطربنّ بما أبثّ النوق
حدثني أبو علي القيلوي قال: سمعت شرف الكتاب يحدّث أنه كان يوما في مجلس الوزير عون الدين يحيى بن هبيرة، فجاءه فرّاش من دار الخلافة وحدّثه بمحضري شيئا كان يحب كتمانه من كلّ أحد، قال: واتفق خروج الفراش وقد اجتمع عنده الناس، فشغل بهم عني، وقمت أنا وخرجت ومضيت، فما وصلت باب العامة حتى جاءني من ردّني إلى حضرته، فلما وقفت بين يديه قلت: أحسن الله إلى مولانا الوزير وأدام أيامه، بيت الحماسة، فقال: نعم امض بارك الله فيك كذا الظنّ بمثلك؛ قال: وخرجت من عنده ولم يفهم أحد شيئا مما جرى بيننا، وإنما أردت قول